قانون الإضراب: كوميديا الإصلاح في مغرب القرن الـ21
دابا ماروك
في مشهد أقرب إلى المسرحيات الهزلية، يبدو أن الحكومة المغربية قررت بذل جهود “جبّارة” لتمرير قانون الإضراب، وكأنها تحاول تسلق جبل شاهق بحذاء رياضي مثقوب. أما النقابات، فهي كما جرت العادة، أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التصفيق وإما التظاهر، لكن على كل حال، لا أحد بحاجة إلى تفسير الموقف، فالجميع ناضج بما يكفي ليعرف اللعبة.
السكوري: بطل القصة
ظهر يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، في البرلمان ليردد “نحن لم نضع هذا القانون”، وكأنه يطمئن الجميع بأنه مجرد “ضيف شرف” في هذه المهزلة التشريعية. لكن لا تقلقوا، فالحكومة، بكل كرمها، قررت الانفتاح على 330 تعديلًا. أليس هذا دليلًا على أننا نعيش في عصر الانفتاح غير المسبوق؟
330 تعديلًا: مرونة أم تردد؟
تصوروا قانونًا يحتاج إلى 330 تعديلًا ليصبح قابلاً للنقاش! هذا الرقم لوحده يجعلنا نتساءل: هل نحن أمام مشروع قانون أم أمام كراسة رسم للأطفال؟ لكن السكوري أكد بثقة أن الحكومة مستعدة للتفاعل “بشكل جد بناء”. وعلى ما يبدو، البناء هنا يشبه بناء قلعة من رمال الشاطئ، تنهار مع أول موجة من النقاشات.
الإضراب حق للجميع (تقريبًا)
الوزير أكد أن من حق الجميع الإضراب، شريطة أن يكونوا على استعداد لمواجهة حفلة قوانين غريبة تمنع الإضراب السياسي، والإضراب التضامني، وحتى الإضراب بالتناوب. لكن لا تقلقوا، هذه المقتضيات سيتم حذفها، مما يعني أن الإضراب سيصبح مهرجانًا شعبيًا يشارك فيه الجميع، ربما حتى مع عروض موسيقية في الخلفية!
خلق مناصب شغل: الجفاف هو السبب دائمًا
وفي موضوع البطالة، أخبرنا السكوري أن الحكومة خلقت 332 ألف منصب شغل، رغم “الجفاف”. يبدو أن الجفاف أصبح شماعة سحرية نعلق عليها كل مشاكلنا، من البطالة إلى انقطاع الإنترنت. أما العالم القروي، فقد وُضع في خانة “المعضلة”، لكن لا تقلقوا، فالحكومة تعمل “ليل نهار” على حل المشكلة، وإن لم تنجح، فربما يعود الجفاف مرة أخرى ليأخذ نصيبه من اللوم.
رسالة ختامية ساخرة
إذا كان قانون الإضراب يمثل انعكاسًا لعقلية القرن الحادي والعشرين، فإننا بلا شك بحاجة إلى آلة زمن تعيدنا إلى القرن الماضي، حيث كانت النقاشات أكثر وضوحًا والحلول أقل تعقيدًا. إلى ذلك الحين، لنستمتع بمتابعة هذا الفصل الجديد من كوميديا الإصلاح الحكومي.