مجتمع

عبد اللطيف وهبي… أو “الكوميديا السوداء” في نسخة مغربية جديدة

دابا ماروك

عندما يجتمع الفيلسوف العميق والوزير الناري، يتحول النقاش إلى ساحة مصارعة فكرية وأحيانا كوميدية بامتياز. وهبي، وزير العدل، يبدو وكأنه قرر أن يلقي محاضرة في “كيف تصنع الجدل بنجاح”، حيث هاجم الجمعيات الحقوقية، مشبها بعضها بمن يسطو على شعارات حقوق الإنسان وكأنها “حانوت ديال خضرة” تُدبر بالمزاج. طلب من الجمعيات الجدية أن تنزل إلى الشارع وتدافع عن شرعيتها. لا مفاوضات، بل “نقاشات كافكاوية”، كما يبدو.

ثم جاء وزيرنا لينتقد “سطحية” النقاش حول العلمانية. الرجل استدعى أحمد التوفيق ليكون البطل الخارق في القصة، وأكد أن التوفيق “قارئ محترف” وأصدقاؤه الكتب. العلمانية، حسب وهبي، ليست موضوعًا لتناقشه وأنت ترتشف قهوة سوداء في المقهى؛ إنها تحتاج إلى “جلسة أكاديمية… ربما فوق السحاب؟”.

وهبي لم يتوقف هنا، بل حذر من خطر داهم… إنه “فيسبوك”. الشبكة الزرقاء هذه أصبحت، حسب الوزير، الخطر الأكبر على القضاء. يتخيل الوزير أن كل منشور ينتقد حكمًا قضائيًا هو “رصاصة في القلب”. الحل؟ عقوبات رادعة في القانون الجنائي. لأن القافلة يجب أن تسير… ولكن لنؤدب “الكلاب” قبل أن تنبح مجددًا.

وفي فقرة من مسرحية العبث، كشف الوزير عن معركة داخل وزارته حول سجين تسعيني “مُفرط في الإجرام”، حيث دعا للإفراج عنه، لكن مسؤولي الوزارة، ومعهم فيسبوك، يرفضون لأن المجتمع “ما غاديش يعقل”.

ثم جاءت قنبلة وهبي الأخيرة: وصف القيادات السياسية المتماهية مع الشعبوية بأنها “أمية قانونية” تفسر النصوص كمن يحاول قراءة كتاب بالمقلوب. حرية التعبير؟ ليست “دير لي بغيت”، بل هي فنون راقية لا يتقنها إلا النخبة!

الختام؟ دعونا نصفي المحكمة من النصابين، بفضل “بطاقة تعريف وطنية إلكترونية”. الجهاز الجديد سيكشف من يأتي للمحاكم أكثر من مرة… لأن “لي جا ثلاث مرات، أكيد نصّاب!”

بالمختصر، وهبي لم يترك مجالاً للتساؤل: بين نباح الكلاب، وصالونات الكتب، وتهديد الفيسبوك، يبدو أن الوزير قد قرر أن يكتب سيناريو مثيرًا لفيلم بعنوان: “العدالة في المغرب: الكل متهم… إلا وهبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى