الطيبوبة.. سلاح ذو حدّين أم طريق نحو العبث؟
دابا ماروك
لا شك أن الطيبة فضيلة إنسانية سامية، تُعد من أنبل الخصال التي يمكن أن يتحلى بها الإنسان. بيد أن هذا السلوك النبيل قد يُصبح عبئًا على صاحبه إذا ما وقع في دائرة استغلال الآخرين. فالطيبة بلا وعي، بلا حدود، قد تتحول إلى ضعف، وقد تُغري الذئاب البشرية بالعبث بمشاعر أصحاب القلوب الطاهرة.
عندما تتحول الطيبة إلى نقطة ضعف
الطيبة في جوهرها لا تعني الغباء ولا الانصياع الأعمى. غير أن الواقع يكشف أن هناك من يستغل هذه السجية لأغراضه الخاصة، سواء في العلاقات الاجتماعية أو المهنية أو حتى العائلية. هؤلاء المتلاعبون بارعون في تحويل الطيبة إلى وسيلة لتحقيق مآربهم، وترك أصحاب القلوب الطيبة يواجهون مرارة الخذلان.
لعل أحد أسباب استغلال الطيبين هو اعتقادهم بأن الجميع مثلهم، فيرون العالم من خلال نظارة وردية، غير واعين بوجود فئات تجيد “فن الانتهاز”.ماذا يحدث عندما يُجبر الطيبون على القساوة؟
مع تكرار الخيبات والمواقف التي تُظهر حقيقة المستغلين، يكتشف الطيبون أن الطيبة المطلقة قد لا تكون دائمًا الخيار الأمثل. وهنا، يبدأ درب التغيير. ليس تغيير الجوهر، ولكن تعديل السلوكات بما يضمن الحفاظ على كرامتهم واحترامهم.
من بين الدروس المؤلمة التي يتعلمها الطيبون:
- الثقة ليست مجانية: يجب أن تُمنح بحذر وبحسب استحقاق الآخرين.
- التوازن بين العطاء والحدود: الطيبة لا تعني تقديم كل شيء للآخرين دون مقابل.
- لا بأس بالقليل من الحزم: القسوة أحيانًا وسيلة دفاع وليست صفة ذميمة.
هل الطيبة عبء أم نعمة؟
الجواب يتوقف على كيفية استخدام هذه الصفة. الطيبة نعمة إذا كانت واعية ومصحوبة بالقدرة على التمييز بين من يستحقها ومن لا يستحقها. أما إذا كانت دون حدود أو ضوابط، فقد تتحول إلى عبء ثقيل يترك صاحبها عرضة للاستنزاف العاطفي والنفسي.
تعليم الطيبين القسوة قد يبدو قاسيًا في البداية، ولكنه في الحقيقة درس في حب الذات وحماية النفس. فلا يمكن لأي شخص أن يقدم الخير للآخرين إذا كان ذاته تفتقر إلى الاحترام والتقدير.
رسالة لأصحاب القلوب الطيبة
- كونوا طيبين بحكمة: لا تجعلوا طيبتكم تُصبح سذاجة.
- تعلموا قول “لا“: فهي كلمة قصيرة لكنها تُحدث فرقًا كبيرًا.
- ثقوا بأنفسكم أولاً: فإذا ما منحتم الثقة، فليكن ذلك لأشخاص يقدّرونها.
وفي النهاية، الطيبة صفة لا تُقدر بثمن، ولكنها تحتاج إلى درع من الوعي والحزم كي تظل مصدر قوة، لا بوابة يستغلها العابثون.