الأطباء الداخليون في أرض المعركة: حين يصبح “المشرط” أداة احتجاج
دابا ماروك
في ملحمة جديدة من مسلسل الصراع الأبدي بين الأطباء الداخليين والمقيمين ووزارة الصحة، خرج أبطال البدل البيضاء بخطوة تصعيدية. نعم، يا سادة، لأن “الصحة للجميع” لم تعد شعارًا، بل نكتة حزينة تُروى في أروقة المستشفيات الجامعية. هؤلاء الأطباء، الذين بالكاد يحصلون على ما يسد رمقهم من حياةٍ تبدو أشبه بجناحٍ في المستعجلات، قرروا التوقف عن الإصغاء لأعذار “نقص الميزانية”.
إضراب يومي 3 و5 دجنبر؟ ولم لا؟
لأن الأطباء أدركوا أن لا جدوى من صرخاتهم التي تُدفن في ملفات البيروقراطية السميكة. يوم 4 دجنبر سيشهد وقفات احتجاجية أمام المستشفيات الجامعية. لا، ليس لشراء تذاكر اليانصيب، بل لعلّ المسؤولين يتذكرون أن الرعاية الصحية ليست مجرد أرقام على الورق، بل نبضات مرضى وأرواح أطباء أنهكتها ظروف العمل.
ويا لسخرية القدر، جموع عامة تقريرية!
أي أن أطباء المستقبل، بدلًا من الجلوس أمام مرضاهم، سيجلسون لكتابة خطط احتجاجية في غرف الاجتماعات الباردة. “إنزال وطني في الرباط؟” يا للروعة! ربما على المسؤولين أن يحضروا مع عائلاتهم ليستمتعوا بمشاهدة كيف تتحول مطالب مشروعة إلى كرنفال حزين.
مناقشة مصالح المستعجلات؟
وهل المستعجلات بحاجة إلى مناقشة؟ إنها رمز الفوضى الأبدية في نظامنا الصحي. لكن يبدو أن الأطباء قرروا أخيرًا أن يعكسوا هذه الفوضى على رأس المسؤولين. فلتغلق المصالح! ربما حينها سيدرك الجميع أن الأطباء ليسوا “ممرضين بدوام إضافي”، بل عمود المنظومة الذي بدأ ينهار.
أما الحكومة؟
آه، الحكومة هي دائمًا ذلك الكيان الغامض الذي يتحمل “المسؤولية الكاملة”. ما أجمل هذه العبارة! تُقال دائمًا ولكنها لا تعني شيئًا. الأطباء طالبوا بحوار “جاد ومسؤول”. لكن المسؤولين ربما يفضلون الحوار مع الجدران، فهي أقل إزعاجًا ولا تطلب زيادات في الأجور.
في النهاية…
إن كان لهذه الحكاية من عبرة، فهي أن الطبيب في هذا الوطن عليه أن يكون أكثر من طبيب: ناشط، ومحارب، وربما شاعر يرثي مهنته التي تحولت إلى مسرح عبثي. أما المرضى؟ فلا تقلقوا، فدائمًا ما توجد وصفة سحرية في نهاية القصة: “الصبر جميل”.