حي ديور الكرم في المحمدية: بين الماضي العريق والآمال المؤجلة
دابا ماروك
إرث من التاريخ:
حي ديور الكرم في المحمدية ليس مجرد مجموعة من المنازل المتواضعة؛ إنه شاهد حي على مراحل تطور المدينة منذ عام 1936. بدأ الحي كأرض زراعية تُغذي سكان المحمدية بالخضروات، واعتمد قاطنوه في البداية على مياه الآبار المحلية وسقاية جماعية تظل مفتوحة أمام الجميع. أما الكهرباء، فقد تأخر وصوله للحي حتى عام 1980، مما يعكس البطء الذي رافق تحسين جودة الحياة لسكانه.
معاناة مستمرة منذ عقود:
يسكن في ديور الكرم اليوم حوالي 500 أسرة، وتبلغ مساحة كل منزل نحو 42 مترًا مربعًا فقط، وهي مساحة بالكاد تكفي لتوفير الحد الأدنى من الراحة لعائلات تعيش في ظروف غالبًا ما تكون صعبة. ورغم مرور أكثر من ثمانية عقود على بناء الحي، يظل السكان يعيشون على وجه الكراء، محرومين من أبسط حقوق التمليك التي قد تمنحهم استقرارًا نفسيًا وماديًا.
مقارنات غير عادلة:
على بعد أمتار قليلة، نجد أحياء مثل ديور القراعي، حيث تمكن سكانها من تملك منازلهم بأسعار لم تتجاوز 15 ألف درهم، رغم أن مساحة منازلهم أكبر بكثير مقارنة بمنازل ديور الكرم التي لا تتجاوز 42 مترًا مربعًا. هذه المفارقة تزيد من حدة الاستياء في أوساط سكان ديور الكرم، الذين يعتبرون أن قضيتهم تُركت في طي النسيان، بينما استفادت أحياء مجاورة من حلول جذرية تعكس التزام الجهات المعنية بتحسين ظروف العيش.
مسؤولية المجلس الجماعي:
المجلس الجماعي للمحمدية، المسؤول المباشر عن إدارة أصول هذا الحي، يتحمل عبء الدفاع عن حقوق ساكنته الهشة. ومع اقتراب نهاية ولاية المجلس الحالي، يظل السؤال المطروح: هل سيتمكن من ترك بصمة إيجابية يُشكر عليها؟
إن تمليك هذه الدور بأسعار معقولة وبنظام تقسيط يتناسب مع القدرة الشرائية للسكان ليس مجرد مطلب اجتماعي، بل هو حق إنساني يجب أن يُوضع في طليعة الأولويات.
رسالة للسكان والمجلس:
- للسكان: ينبغي على سكان ديور الكرم تنظيم صفوفهم، والتحدث بصوت واحد لعرض مطالبهم العادلة أمام الجهات المعنية. التنسيق مع جمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام قد يعزز من فرصهم في الوصول إلى حلول.
- للمجلس: التعامل مع ملف ديور الكرم بحكمة وشفافية هو فرصة لتحسين العلاقة بين المجلس والسكان، وتعزيز ثقة المواطنين في المؤسسات المنتخبة.
أفق الحلول:
- حوار مسؤول: عقد لقاءات مباشرة مع السكان لشرح المعطيات القانونية والإدارية المرتبطة بملكية الدور، والاستماع لمقترحاتهم.
- تقييم مالي واجتماعي: وضع صيغة تمويلية تتيح التمليك بأسعار رمزية، مع تسهيلات في السداد تراعي الظروف الاقتصادية للسكان.
خاتمة:
تمليك منازل ديور الكرم ليس مجرد خطوة لتغيير الوضع القانوني للعقارات، بل هو استثمار في كرامة المواطن واستقرار المجتمع. المجلس الحالي أمام فرصة ذهبية لإثبات التزامه بقضايا الساكنة، وترك أثر إيجابي يظل شاهدًا على حسن تدبيره لملفات المدينة.