حكومة تكبيل الإضراب: شق طريق العبودية الحديث!
دابا ماروك
يبدو أن الحكومة قررت أن تُعيد كتابة التاريخ، لكن هذه المرة باستخدام قلم تكبيل الطبقة الشغيلة وسكب الحبر الأسود فوق حقوقها، إذ يبدو أن الإضراب بات مرشحًا ليكون مجرد ذكرى عتيقة محفوظة في متحف الحقوق المهجورة.
وزير التشغيل، يونس السكوري، لم يكتفِ بدور المنظم، بل تفنن في لعب دور المخرج الذي “يضمن حقوق الجميع” بحذف كل ما يزعج الحكومة. قدم لنا نسخة مطورة من قانون الإضراب، حيث يحق للجميع الإضراب… ولكن بشرط ألا يُضربوا فعليًا، أو على الأقل أن يطلبوا الإذن أولًا من النقابة “الأكثر تمثيلا” (وليس من المشغل طبعًا، لأننا لسنا بهذا السخاء).
السكوري يبدو أنه قرر أن يكون طبيبًا أيضًا، حيث اقترح تعريفًا جديدًا للمرافق الحيوية: “كل شيء مهم لدرجة أننا لن نسمح لكم بتعطيله”، من المستشفيات إلى الحلاقين، نعم، لأن الشعر غير المقصوص قد يعرض حياة الأشخاص للخطر.
وفي حركة عبقرية، قررت الحكومة أن تُضاف “المجموعة المهنية” إلى قائمة الجهات التي يمكنها الدعوة للإضراب. خطوة جريئة تُذكرنا بأنه، حتى المجموعات المهنية التي تبيع البرتقال في الشوارع، يمكنها التفاوض على حقوقها الآن… شريطة أن تكون “في وضعية قانونية سليمة”.
أما تعريف “الملف المطلبي” فجاء ليكون أكثر وضوحًا: “مجموعة من الأحلام التي قد تحققها إذا قبلتها الحكومة يومًا ما”. في حين أن “عرقلة حرية العمل” أصبحت تُفسر على أنها كل فعل يمنع العمال غير المضربين من ممارسة حقهم في استبدال العمال المضربين.
أما العمال الشرفاء الذين كانوا يومًا ما يُعتبرون العمود الفقري للمجتمع، فقد تم تصنيفهم الآن ضمن قائمة “العامل هو من التزم بعمل مقابل أجر”. يا لها من لفتة إنسانية!
وفي هذا السياق، يبدو أن الحكومة قد أطلقت العنان لخيالها لتصنيف أي فعل احتجاجي بـ”غير المشروع” إذا لم يتبع دفتر شروطها المقدس، بما في ذلك رفع شعارات أو حتى الصمت في مكان العمل!
وفي النهاية، لا يسعنا إلا أن نتساءل: هل ستقوم الحكومة قريبًا بتوزيع قوائم بالعبارات المسموح قولها أثناء “التفاوض”، أم أن الصمت هو الخيار الأفضل؟
ملاحظتنا الأخيرة: إن الطبقة الشغيلة، التي يبدو أنها تقف وحيدة في معركة الحقوق، باتت الآن في حاجة إلى أكثر من مجرد نقابة للدفاع عنها. ربما نحتاج إلى قاعة سينما لعرض الكوميديا السوداء هذه، لأن الضحك بات الوسيلة الوحيدة لتقبل الواقع.