عبد الرحيم بنجدية: أيقونة المسرح المغربي ورحّال الفن
دابا ماروك
عبد الرحيم بنجدية، المعروف بلقب “رحّال الفن”، هو أحد الأسماء اللامعة التي أضافت الكثير للمشهد الثقافي والفني بالمغرب. وُلد في مدينة الدار البيضاء بتاريخ 9 يونيو 1969، ليبدأ رحلته مع المسرح والفن في عمر مبكر عام 1977، في مسيرة تُوّجت بالكثير من الإنجازات التي تُبرز موهبته المتنوعة وشغفه اللا محدود.
التكوين الفني والمعرفي
اختار بنجدية التعمق في دراسات الفن رغم موهبته الفطرية، حيث درس المسرح في معهد الدار البيضاء، مُضيفًا إلى ذلك علومًا موسيقية ثرية شملت الصولفيج، الموشحات، والموسيقى الأندلسية. كما برع في العزف على آلتي العود والبيانو، ما عزز من قدراته كممثل شامل قادر على التفاعل مع الفنون بكل أبعادها.
البدايات الفنية ومسيرته متعددة الأوجه
على الرغم من دخوله الرسمي لعالم الفن عبر الدراسة الأكاديمية، إلا أن موهبة عبد الرحيم بنجدية ظهرت قبل ذلك بكثير، حيث بدأ مشواره الفني كطفل، مما شكّل له أرضية صلبة للتميز. توزعت إبداعاته بين المسرح، السينما، والتلفزيون، مشاركًا في العديد من الأعمال التي عكست تميّزه كممثل شامل.
لم يقتصر بنجدية على التمثيل فقط، بل برع في تقديم الأدوار المركبة التي تحتاج إلى مهارات عالية في التقمص وتجسيد الشخصيات. أدواره المميزة في مسرح الطفل شكّلت علامة فارقة، حيث حرص على تقديم عروض تثقيفية تحمل رسائل اجتماعية عميقة.
إسهاماته في المسرح والتلفزيون
عبد الرحيم بنجدية يُعد من أبرز الفنانين الذين ساهموا في تطوير مسرح الطفل بالمغرب، وهو المجال الذي أولاه اهتمامًا خاصًا، بهدف خلق بيئة ثقافية تُغني الأجيال الصاعدة. كما ترك بصمته في مسرح الكبار بأعمال عالجت قضايا مجتمعية وإنسانية معاصرة.
أما في السينما والتلفزيون، فقد استطاع أن يُقدم أدوارًا تنبض بالواقعية، مما جعله اسمًا مألوفًا لدى الجمهور المغربي. قدرته على التنقل بين الكوميديا والدراما بأداء عفوي وطبيعي أكسبته حب النقاد والجماهير.
رؤية بنجدية للفن الشامل
إن قصة عبد الرحيم بنجدية هي قصة فنان يؤمن بأن الفن رسالة ومسؤولية. فهو ليس مجرد ممثل، بل رمز للشمولية الفنية، حيث يدمج بين الإبداع المسرحي والموسيقي، ليُقدم أعمالًا تجمع بين المتعة والفائدة. بنجدية نموذج يُحتذى به في التواضع والعمل الجاد، وهو من القلائل الذين جمعوا بين الاحترافية والإنسانية في مشوارهم الفني.
الخاتمة
عبد الرحيم بنجدية هو أكثر من مجرد فنان؛ إنه عنوان للإبداع المتواصل وشغف لا ينضب. رحلته الممتدة منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى اليوم تظل مصدر إلهام للأجيال الجديدة التي تطمح للولوج إلى عالم الفن. إنه “رحّال الفن” الذي ترك بصمته في كل محطة، ليظل نموذجًا مضيئًا في سماء الثقافة المغربية.