طاطا تنتظر.. دعم الإعمار بين وعود زاكورة وأكواد السحر الغائبة!
طاطا: المراسل
مرّ أكثر من أسبوعين منذ أن بدأت الدولة بصرف مبالغ الدعم لإعادة إعمار المنازل المتضررة من فيضانات شتنبر الماضي في بعض مناطق الجنوب الشرقي للمغرب. والواقع أن هذا الحدث كان يمكن أن يتحول إلى عنوان فخر، لولا أن بعض المناطق لا تزال تنتظر هذا الدعم وكأنه قطار توقف في محطة لا تحمل اسمها على الخريطة.
زاكورة أولاً… وطاطا “قيد الانتظار“
أهل زاكورة، وتحديداً سكان جماعة تاكونيت، حظوا بالسبق إلى الدعم، حيث وُضعت في حساباتهم البنكية مبالغ وصلت إلى 80 ألف درهم للانهيار الجزئي و140 ألف درهم للانهيار الكلي. هذا الرقم الكبير قد يبدو حلماً للوهلة الأولى، لكنه على أرض الواقع لا يكفي حتى لبناء سقف من القش في ظل أسعار مواد البناء التي تصاعدت وكأنها تشارك في ماراطون “غلاء عالمي”.
أما سكان طاطا، الذين كانوا على خط المواجهة الأولى مع الفيضانات، فلا يزالون يتطلعون إلى الدعم كما يتطلع المتعب إلى غيمة في صحراء. هنا، المعضلة ليست فقط في انتظار الدعم، بل أيضاً في الغموض الذي يلف هذا الانتظار. فلا موعد محدد، ولا وعود ملموسة سوى توصيات عابرة من المسؤولين بمراقبة الهواتف في انتظار “الأكواد السحرية”، وكأنهم على موعد مع برنامج مسابقات تلفزيوني وليس دعم حياة أساسية.
الهواتف في الخدمة… أو ليست كذلك؟
في طاطا، يُطلب من المواطنين مراقبة هواتفهم بشكل مكثف وكأن الرسالة النصية المرتقبة هي تذكرة للخروج من أزمتهم. وفي ظل هذه التعليمات، تجد البعض يتعامل مع الهاتف وكأنه جهاز تنفس اصطناعي؛ لا يتركه يغيب عن ناظريه للحظة، خشية أن تضيع “الأكواد” المنتظرة في بحر الرسائل العشوائية.
لكن هل يتوقف الأمر هنا؟ بالطبع لا. فالوعود بمنازل جديدة على أراضٍ سلالية أُضيفت إلى القائمة، لكنها تأتي بشرط تحقيق المعادلة المستحيلة: انتظار انتهاء “الدراسات التقنية” التي يبدو أنها ستستغرق وقتاً أطول من بناء سور الصين العظيم.
تيسينت… مثال للمأساة الجماعية
في جماعة تيسينت بطاطا، الحديث عن صرف الدعم أشبه بالحديث عن حياة على كوكب المريخ. لا دعم، لا وعود، ولا حتى إشارات من المسؤولين تُطمئن القلوب المكلومة. الوضع يبدو وكأن هناك تفاوتاً في درجات الاستحقاق بين المناطق المتضررة، رغم أن الجميع واجهوا المصير نفسه: الفيضانات التي لم تترك حجراً على حجر.
ماذا بعد؟
يبدو أن الدعم المالي لإعادة الإعمار تحوّل إلى قصة هزلية بطابع مأساوي. ففي الوقت الذي تُصرف فيه الأموال في زاكورة، يستمر سكان طاطا في عد الأيام وهم يعيشون تحت خيام أو بيوت بالكاد تصلح أن تكون مخازن للغبار. السؤال الكبير هنا: هل الدعم “يُصَرَّف حسب الحظ” أم أن هناك معايير سرية لا يفهمها إلا العارفون بدهاليز الإدارة المغربية؟
في انتظار الإجابة، يستمر المواطنون في الجنوب الشرقي بالاعتماد على روح الفكاهة والسخرية لمواجهة واقع يبدو وكأنه نص مأخوذ من مسرحية عبثية، حيث الممثلون ينتظرون حلولاً قد لا تأتي إلا بعد فوات الأوان.