عندما يلتقي الدين بالسياسة: جدل ساخن بين التوفيق وابن كيران يُشعل الساحة الفكرية!
دابا ماروك
في سياق النقاش العمومي بالمغرب، الذي يربط السياسة بالدين في إطار مرجعية إمارة المؤمنين، أطلّ علينا مؤخراً سجال فكري وسياسي بين وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، وزعيم حزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران. النقاش، الذي انطلق من تصريحات متبادلة حول مفهوم العلمانية وعلاقتها بالنظام السياسي المغربي، يفتح باب التساؤل حول حدود الفهم والتأويل، ومساحات التلاقي والاختلاف بين الفاعلين في المشهد الوطني.
وبين توضيحات أحمد التوفيق حول رؤيته للعلاقة بين الدين والدولة، واعتذار ابن كيران عما قد يُفهم كسوء فهم لتصريحاته، يبدو أن هذا الجدل يسلط الضوء على قضايا أكبر تتعلق بالهوية السياسية للمغرب، ودوره في تقديم نموذج متفرد يجمع بين ثوابت الدين ومتطلبات العصر.
رسالة أحمد التوفيق:
- مضمون الرسالة:
الوزير أحمد التوفيق يعبر عن استغرابه من تصريحات عبد الإله ابن كيران التي أشار فيها إلى أن التوفيق قال إن الدولة المغربية علمانية.- يوضح التوفيق أن كلامه كان عن السياقات الغربية للعلمانية وكيفية تأثيرها على بعض جوانب التدبير السياسي، دون أن يتطرق إلى الدولة المغربية التي تقوم على إمارة المؤمنين.
- ينتقد التوفيق ابن كيران لعدم التثبت مما قاله فعلاً، مشيرًا إلى أن الحوار بينهما كان يمكن أن يحل سوء التفاهم.
- يستعرض طبيعة العلاقة بين الدين والسياسة في المغرب، مؤكدًا أن نظام إمارة المؤمنين يحمي الدين والمجتمع من مظاهر العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة بالكامل.
- يختتم التوفيق رسالته بالتأكيد على أن كلامه كان بغرض الشكوى إلى الله وليس للرد على أي شخص، مع دعوة إلى النقاش البناء بعيدًا عن المزايدات السياسية.
رد عبد الإله ابن كيران:
- مضمون الرد:
- ابن كيران يعبر عن أسفه إذا كانت تصريحاته قد فهمت على أنها إساءة إلى أحمد التوفيق.
- يوضح أنه لم يكن يقصد التوفيق شخصيًا، بل كان ينتقد الأطراف التي استغلت تصريحاته لتوجيه رسائل ضد مرجعية الدولة وثوابتها.
- يشيد بعمل التوفيق واعتداله، مذكّرًا بأنهما اشتغلا معًا لسنوات طويلة.
- يعترف بأن النقاش حول العلاقة بين الدين والسياسة في المغرب يظل موضوعًا حساسًا يحتاج إلى ظروف أفضل لنقاشه بعمق.
- يختتم بالاعتذار عن أي سوء فهم، مع التأكيد على استمرار الاحترام المتبادل بينهما.
هذا السجال بين أحمد التوفيق وعبد الإله ابن كيران يعكس حيوية النقاش الفكري والسياسي في المغرب، حيث تتقاطع قضايا الدين والدولة في ظل نموذج إمارة المؤمنين الذي يسعى لتحقيق التوازن بين الأصالة والمعاصرة. وبين التوضيحات والاعتذارات، يظل الأهم هو تعميق الحوار الوطني حول هذه القضايا الكبرى، بعيداً عن التشنج والتأويلات المغرضة.
فمثل هذه النقاشات، إذا أُديرت بحكمة ونية صادقة، يمكن أن تُسهم في تعزيز الوعي الجماعي، وتقديم إجابات واقعية للتحديات التي تواجه المجتمع المغربي في مسيرته نحو التنمية والتجديد.