عريضة طلبة الطب بالرباط: “تمييز غير مبرر” أم مسرحية إدارية كوميدية؟
دابا ماروك
في مغرب اليوم، حيث يطالب الجميع بالإصلاح من المهد إلى اللحد، يبدو أن طلبة الطب بمدينة الرباط وجدوا أنفسهم في مشهد أقرب إلى كوميديا سوداء، حيث التمييز “غير المبرر” والتحركات “غير المنطقية” أصبحا محوراً للعريضة التي رفعوها إلى عمادة كلية الطب والصيدلة.
15 يوماً لتعويض ثلاثة أشهر؟!
بدأت القصة عندما قررت العمادة تعويض ثلاثة أشهر من التداريب الاستشفائية، التي قاطعها الطلبة، بفترة زمنية لا تتجاوز 15 يوماً. القرار أثار زوبعة من التساؤلات، وأعطى للطلبة فرصة ذهبية لممارسة الرياضة المفضلة لديهم: كتابة عرائض مشتعلة، مليئة بالاتهامات بالتمييز والمعايير المزدوجة.
بحسب العريضة، يبدو أن العمادة أبدعت في وضع برنامج “نصف دوام” لتداريب الطلبة، مما أثار حفيظتهم ودفعهم للتساؤل: “أليس من المنطقي أن نعوض التداريب بدوام كامل؟” سؤال بريء، لكنه يحمل في طياته مرارة استيعاب واقع يبدو أنه مصمم على إرباكهم أكثر مما يهدف لتأهيلهم.
تمييز أم اختبار للقدرة على التحمل؟
أما المفارقة الأكبر، فهي تخصيص مدة 15 يوماً فقط للطلبة الذين أنهوا المقاطعة مبكراً، مما يعطيهم أفضلية واضحة لاجتياز مباراة الداخلية. العريضة لم تتردد في وصف ذلك بأنه “ضرب لمبدأ تكافؤ الفرص”، وكأن العمادة قررت فجأة تبني سياسة “من سبق أكل النبق”.
تأخير التخرج: استراتيجية أم عبثية؟
التقويم الحالي لا يقتصر على الحاضر، بل يمتد ليضرب المستقبل أيضاً، حسب العريضة. إذ يشير الطلبة إلى أن الدفعات المقبلة مهددة بالتأخير، مما يعني تأخير خروج أطباء يحتاجهم الوطن بشدة. وهنا تأتي المفارقة: كيف يمكن لوطن يعاني نقصاً في الأطباء أن يبرمج تخرجهم بأسلوب “سنة تلو الأخرى، وربما بعدها أخرى”؟
رسالة واضحة أم تذكير ساخر؟
في ختام العريضة، لم ينس الطلبة وضع اقتراحاتهم “الجذرية والواقعية”، مطالبين بتوحيد البرنامج البيداغوجي وإعادة ترتيب الأولويات بما يتناسب مع التحديات المطروحة. وربما الرسالة الضمنية الأكثر أهمية هنا: “كيف يتماشى كل هذا العبث مع المصلحة العليا للوطن؟”
هكذا، في مشهد يشبه مسرحية تراجيدية مليئة بالكوميديا السوداء، يظل طلبة الطب في الرباط ينتظرون حلاً يعيد لهم الأمل، أو على الأقل يخفف من وطأة نظام يبدو مصمماً على اختبار صبرهم قبل كفاءتهم.