سويسرا وحظر النقاب: حرية الفرد أم تقييد الهوية؟
دابا ماروك
بدايةً، هذا القرار الذي اتخذته سويسرا يشبه في بعض أبعاده أفلام الخيال العلمي، حيث يتم فرض “أزياء” قانونية قد تشبه لباس القاضي أو الشرطي، فتمنع فيه حرية الفرد في اتخاذ قراراته الشخصية بشأن مظهره. في سويسرا، ابتداءً من الأول من يناير، أُصدر قانونٌ يحظر ارتداء ما يخفي الوجه، مثل النقاب. قد يبدو الأمر منطقيًا من زاوية “حماية الأمن العام”، لكن الحقيقة أن هذا القانون لا يعدو أن يكون تصعيدًا لحرب مفتوحة ضد حرية الاختيار، خاصة حين يتعلق الأمر بمعتقدات دينية وثقافية.
تخيلوا معنا لو أن الدول الإسلامية قررت يومًا ما منع مثليين سويسريين من التجول في دولهم بشكل طبيعي، وفرضت عليهم قوانين تقيد حريتهم، أو أن تُوضع عليهم قيود في أسلوب حياتهم. ماذا سيكون رد فعل سويسرا حينها؟ هل ستخرج علينا بتصريحات “أنها دولة حرة”، أم أنها ستعتبر مثل هذا التصرف انتهاكًا لحقوق الإنسان؟ لننتظر ونتخيل، لأننا في النهاية نعيش في عالم مليء بالتناقضات!
العالم، بما فيه سويسرا، يحب أن يحدد ويقرر كيف يعيش الآخرون، لكنه في الوقت نفسه يرفع شعار “حريات الفرد”. ولكن هل يعني ذلك أنه يجب أن تقتصر “حرية الفرد” على أشياء معينة في نظرنا فقط؟ هل يجب أن نتقبل تلك الحرية ضمن قالب ضيق قد يتناسب مع ثقافاتنا ومعتقداتنا؟ أم أن هناك مجالًا حقيقيًا للاختلاف والتنوع، حتى لو كان هذا الاختلاف يتعلق بتفاصيل دقيقة مثل مظهر شخص ما؟
في النهاية، لابد أن نعي أن أي قرار يتعلق بحريات الأفراد يجب أن يُعطى مساحة للتفكير العميق، دون النظر إلى المعتقدات الخاصة بكل دولة. لا يحق لنا فرض أنماط حياتنا على الآخرين، خاصةً إذا كان من بين تلك الأنماط ما يثير الجدل ويعكس في واقع الأمر مشاعر من “التمييز”.
أليس من الأجدر أن يترك الأمر للأفراد ليختاروا ما يناسبهم، بدلاً من إصدار قوانين موجهة ضد أزياءهم وطرائقهم في التعبير عن معتقداتهم؟