مجتمع

المتقاعدون يرفعون شعار الحق في الحياة الكريمة: احتجاجات حاشدة أمام البرلمان

دابا ماروك

في خطوة غير مفاجئة، أطلقت “هيئة المتقاعدين المدنيين بالمغرب” صرخة مدوية تعكس حالة من الغضب والإحباط التي تعيشها شريحة واسعة من المتقاعدين في البلاد. لم تعد الأوضاع التي يواجهها هؤلاء المواطنون الكبار في السن قابلة للتجاهل، خصوصًا في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة التي تلتهم رواتبهم الشهرية التي بالكاد تكفي لتغطية احتياجاتهم الأساسية. ومع ذلك، فإن صمت الحكومة المطبق تجاه مطالبهم، وعدم اكتراثها لحجم المعاناة التي يتكبدها هؤلاء، جعلهم يقررون أخيرًا أن يرفعوا أصواتهم في وجه كل المسؤولين الذين لا يأبهون بمصيرهم.

وفي بيان صحفي مثير للجدل، أعلنت الهيئة عن تنظيم وقفة احتجاجية ضخمة يوم الأحد 5 يناير 2025، في تمام الساعة 11 صباحًا أمام مقر البرلمان في الرباط. وتحت شعار “الزيادة الفورية والرفع من الحد الأدنى للمعاشات مدخل أساسي لإنصاف المتقاعدين وذوي الحقوق”، ستكون هذه الوقفة بمثابة نقطة تحول كبيرة، حيث يصر المتقاعدون على الحصول على ما هو أحق لهم: حياة كريمة بعد سنوات طويلة من العمل والإنتاج.

وقد طالبت الهيئة، في بيانها المفعم بالاحتجاجات، بزيادة المعاشات بأثر رجعي، خاصةً للمعاشات الدنيا والمتوسطة التي أصبحت لا تغني ولا تسمن من جوع، مقارنةً بارتفاع تكاليف الحياة التي لا ترحم. المطلب الأساسي هنا هو تفعيل العدالة الاجتماعية عبر زيادة حقيقية تواكب التضخم وتحقق العدالة بين الأجيال السابقة والحالية. في ظل هذا الوضع، أصبح من الضروري اعتماد نظام تقاعدي عادل يُحدث تغييرًا حقيقيًا، بما يضمن للمتقاعدين الاستقرار المالي بعد انتهاء سنوات خدمتهم.

ولكن، مطالب الهيئة لم تتوقف عند هذا الحد، فقد دعت إلى إنشاء مؤسسة وطنية سامية تهتم بشؤون المتقاعدين وتعمل على الدفاع عن حقوقهم بكل الوسائل الممكنة. وقالت الهيئة في بيانها: “لن نرضى بأن تظل حقوقنا مجهولة أو مهدورة”. كما طالبت بتمثيل المتقاعدين بشكل ديمقراطي وفعّال داخل المجالس الإدارية لصناديق التقاعد، فضلًا عن ضرورة وجود ممثلين لهم في جمعيات الأعمال الاجتماعية في القطاعين العام والخاص. وقد أصر البيان على ضرورة تشكيل هيئة ناخبة تضم ممثلين عن المتقاعدين، تكون قادرة على التأثير في القرارات التي تمس حياتهم.

ومن الملاحظ أن الهيئة كانت صارمة في مطالبتها بتحسين الرعاية الصحية المقدمة للمتقاعدين، حيث شددت على ضرورة ضمان علاج مجاني يتماشى مع احتياجاتهم الصحية، خاصةً في ظل تدهور الأوضاع الصحية للكثير منهم. لم يقتصر المطلب على تأمين خدمات صحية، بل ذهب أبعد من ذلك، حيث دعا البيان إلى إعفاء المتقاعدين وذويهم من تسديد الفوارق المالية التي تتجاوز تغطية نظام التأمين الأساسي، وهو ما يعتبره المتقاعدون حقًا طبيعيًا لهم بعد سنوات طويلة من العطاء.

إذن، مع تصاعد الاحتجاجات والضغوطات، أصبح واضحًا أن المتقاعدين في المغرب قد عزموا على تغيير المعادلة، مطالبين بحقوقهم بكل قوة. فهل ستستجيب الحكومة لهذه المطالب العادلة؟ أم أن هذه الاحتجاجات ستظل تذروها الرياح دون أن تغير من الواقع شيئًا؟

الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة على هذا السؤال، لكن المؤكد هو أن هؤلاء المتقاعدين لن يتراجعوا حتى تحقيق ما يستحقونه من احترام وعدالة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى