
وعود التعليم: الكونت السحري أم إعلان بلا نهاية؟
دابا ماروك
في يوم 26 دجنبر 2023، جلس الجميع حول طاولة الاجتماعات كأنهم يخططون لتقسيم قارة جديدة، وخرجوا باتفاق بين الحكومة والنقابات التعليمية. كان هذا الاتفاق بمثابة “العقد السحري” الذي وعد بإصلاح جذري في النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية. لكن، كعادة السحر، النتائج ليست دائمًا كما تبدو.
الوعود الكبيرة التي صاحبت الاتفاق كانت تشبه إعلانًا عن فيلم خيالي، حيث ستُحل جميع مشاكل الشغيلة التعليمية بضربة واحدة. ولكن، وبعد مرور أكثر من عام، تبدو الأمور كمن اشترى تذكرة لعرض سينمائي فاخر ليجد نفسه يشاهد إعلانًا طويلًا بلا نهاية. الملفات العالقة ما زالت تتراكم، والنظام الجديد لم يظهر سوى على الورق، ذلك إن وجد ورقًا أصلاً.
لنلقِ نظرة على أحد أكثر المشاهد إثارة للسخرية: مطلب “الموظف العمومي” الذي تمت الاستجابة له في نظام جديد يبدو أنه أقرب إلى برنامج تجريبي منه إلى قانون دائم. هذا المطلب، الذي قيل إنه سيبقى حصريًا لأطر الصحة حتى نهاية عام 2024، يطرح سؤالًا ساخرًا: هل هو إصلاح أم تجربة مؤقتة لمخطط أكبر؟ يبدو أن التعليم قد أُعطي دور المشاهد في هذا الفيلم، يراقب من بعيد دون أن يلمس البطولة.
أما الحديث عن قانون تجريم الإضراب، فهو أشبه بمحاولة الحكومة إقناع الشغيلة بأنها لا تحتاج حق الإضراب لأن كل شيء سيُحل تلقائيًا. ولكن، وبكل جدية، من يصدق ذلك؟ المسؤولون الحكوميون يُلمحون علنًا إلى أن تمرير قانون الإضراب ليس سوى الخطوة الأولى نحو تعديل قانون الوظيفة العمومية. وهنا يأتي المشهد الكوميدي: شغيلة تتوهم أن ما تحقق في المحضر محمي بدرع لا يمكن اختراقه، بينما الحكومة تُحضِّر قوانين جديدة لتُعيد ترتيب الأوراق.
ومن بين النقاط الساخرة الأخرى، تأتي التعويضات التي طال انتظارها. تعميم التعويض التكميلي على أساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي يبدو وكأنه وُضع في “قائمة الانتظار”، بينما يستمر الأساتذة في القرى النائية في العمل في ظروف تجعل فيلم “كاست أواي” يبدو وكأنه عطلة فاخرة. حتى استرجاع الاقتطاعات عن أيام الإضراب تحول إلى ملف غامض يُنقل من مكتب إلى آخر.
النقابات، بدورها، تواصل إرسال الرسائل إلى رئيس الحكومة، كأنها تراسله على تطبيق مراسلة فورية، تنتظر الرد الذي لن يأتي أبدًا. ومع ذلك، تُصر النقابة على أنها ستستمر في النضال، واصفةً نفسها بأنها الحارس الأمين لحقوق الشغيلة.
أما التعليم الأولي، فقد تحول إلى قصة أخرى في سلسلة طويلة من التهميش. العاملون في هذا القطاع يُعاملون كأنهم يُديرون حضانات شخصية وسط ظروف اقتصادية خانقة. الأجور زهيدة، والحقوق غائبة، ولا يبدو أن هناك أفقًا قريبًا لتحسين وضعهم.
في النهاية، المشهد التعليمي في المغرب يبدو كأنه فصل من كوميديا سوداء، حيث تُقدَّم الحلول على شكل وعود، وتُترَك المشاكل لتُحكى للأجيال القادمة كقصص أسطورية عن نظام لم يكن يومًا عادلاً. لكن، على الأقل، ما زالت الشغيلة تحتفظ بحس النضال، وربما بعضًا من حس الفكاهة لتجاوز هذه المحنة.