الكهرباء في المغرب: فواتير ذهبية وحلول وهمية!
دابا ماروك
في بلادنا، تبدو الأمور دوماً وكأنها مغامرة سريالية، حيث تأتي الوعود بحل المشاكل لتجلب معها مجموعة من “الحلول الجديدة” التي تحول حياتنا اليومية إلى لغز. ومن آخر تلك الألغاز كان إنشاء الشركات الجهوية متعددة الخدمات. فبعد أن تخلصنا من “ليدك” التي حولت فواتيرنا إلى كابوسٍ حقيقي، كان لدينا أمل في أن الأوضاع ستتحسن… إلى أن فاجأتنا تلك الشركات الجديدة بزيادات فلكية في فواتير الكهرباء، حتى أصبحنا لا نعرف إن كانت فواتيرنا تتعلق بالكهرباء أم بعصر الذهب!
في جهة سوس ماسة على سبيل المثال، وقع السكان في فخ الزيادة التي لا يمكن وصفها إلا بالكارثة، فالفواتير التي كانت تأتيهم قبل اليوم بمبالغ في حدود المعقول، أدهشتهم بدرجة أن الزيادة أصبحت موضوعًا يشغل الجميع، وأصبح الحديث عن أرقام الفواتير أكثر شيوعًا من الحديث عن الطقس! البعض قال إن الزيادات بلغت الضعف في بعض الحالات، وكأن الكهرباء قد أصبحت تُباع بالذهب السائل. والسبب؟ لا أحد يعلم تحديداً، لكن المسؤولين كانوا يتحدثون عن “تقديرات” استهلاك قد تكون قد أضاعت الكثير من الكيلووات.
وفي خطوة لتخفيض الغضب المتصاعد، قررت عمالة إقليم تارودانت التدخل، وكأنهم في مهمة إنقاذ “العدادات” المختطفة. عقدوا اجتماعات طارئة وحاولوا تهدئة الأوضاع، بل حتى عرضوا على السكان وعدًا بمراجعة تلك الزيادات الخيالية. والنتيجة؟ التقديرات لم تتغير، لكن الفواتير ظلت تطاردهم، مما جعل الجميع يشعرون أن الكهرباء تحولت إلى نعمةٍ لا يمكن للجميع تحمّلها.
أما الجمعية المغربية لحماية المستهلك، فقد وصفت تلك الزيادات بـ”الفاحشة”، وكأنهم يروجون لمنتج جديد هو “الكهرباء الفاخرة”، بل واعتبروا أن المعادلة الوحيدة التي تضمن “عدالة” الفواتير هي وجود معاينة فعلية للعدادات، بدلًا من تلك التقديرات التي تحير الجميع. وبدأ السكان يتساءلون إذا كانت العدادات نفسها قد دخلت في صفقة مع الشركة الجهوية لتضاعف أرقامها!
المواطنون في المناطق السوسية هم أيضًا لم يسلموا من هذا الغموض الحسابي. وقعوا عريضة احتجاجية، مطالبين بأن تأتي لجنة مختصة لفحص العدادات، وكأنهم يطالبون بتدقيق شامل في منظومة الفواتير، على أمل أن يجدوا تفسيرًا منطقيًا لما يحدث.
لكن القصة لا تنتهي هنا، فكلما بدأت الأزمة في التراجع قليلاً، تظهر زيادات جديدة في فواتير الكهرباء، وكأنها نسخة معاد إنتاجها من الفيلم نفسه، والذي يتكرر مع كل شهر. فما بين زيادة في “التقديرات” و”العدادات” المفقودة، يبدو أن الكهرباء في بلادنا لا تقاس بالكيلووات، بل بأبعاد أخرى من التفسير والحيرة!