حين يُصبح التقاعد بابًا لمعارك جديدة: متقاعدو القرض الفلاحي في مواجهة الإهمال
دابا ماروك
يبدو أن التقاعد، الذي يُفترض أن يكون وقتًا للراحة والتأمل، قد تحول إلى مرحلة جديدة من الكفاح، خاصة لمتقاعدي مؤسسة القرض الفلاحي. هؤلاء الذين أعطوا المؤسسة أكثر من 30 عامًا من حياتهم، ليجدوا أنفسهم الآن في طابور المطالب، وكأنهم يطلبون خدمة لم يدفعوا ثمنها مسبقًا.
جمعية متقاعدي القرض الفلاحي قررت، أخيرًا، أن “الأذان الصماء” لم تعد تحتمل الانتظار، وحددت موعدًا لوقفة احتجاجية أمام المقر المركزي للمؤسسة بالرباط يوم الأحد 5 يناير 2025. شعارهم؟ “لن نقف مكتوفي الأيدي بينما تُنسى حقوقنا تحت أكوام المكاتب والقرارات البيروقراطية”.
مطالبهم؟ قصة كفاح من نوع آخر.
أكثر من 754 متقاعدًا ومتقاعدة، بعضهم عملوا لما يقارب 42 عامًا، يطالبون بأبسط الحقوق: نظام تقاعد أساسي إجباري كان يُقتطع من أجورهم طوال تلك السنوات. والغريب في الأمر أن حتى من اختاروا المغادرة الطوعية لم يسلموا من هذا “التجاهل المؤسسي”، وكأن العبرة في المؤسسة ليست بما تقدمه بل بما تنسى أنك تستحقه.
ثم هناك الجانب الطبي، أو بالأحرى غيابه. الكثير من المتقاعدين يعانون من أمراض مزمنة، لكنهم لا يجدون من يلتفت لهم. خدمات المصلحة الطبية؟ غير موجودة. التغطية الصحية؟ رفاهية لم تُدرج في القاموس. حتى نادي المؤسسة، الذي يُفترض أن يكون متنفسًا، أصبح حلمًا بعيد المنال.
مطالب واقعية… أم طموحات خيالية؟
المتقاعدون طالبوا بتعيين مسؤول يتفرغ لاستقبالهم، لأنهم تعبوا من الوقوف على أبواب مغلقة. وطالبوا أيضًا بإرجاع المطرودين تعسفيًا، وكأن المؤسسة تحتاج إلى درس جديد في حسن التعامل مع مستخديها.
وما يثير السخرية الحزينة هو مطلبهم بالمساواة مع باقي القطاعات البنكية في أمور مثل الحج والعمرة. يبدو أن “الكرامة المؤسسية” أصبحت تقاس بعدد رحلات الحج التي يتم توزيعها على المتقاعدين!
احتجاج جماعي… مشهد متكرر؟
هذا الاحتجاج ليس الأول من نوعه. في الأسابيع الأخيرة، ظهرت دعوات مشابهة من متقاعدين في مختلف القطاعات، وكأن التقاعد في المغرب هو مجرد خطوة جديدة في نضال طويل. فهل ستتحرك المؤسسات للاستماع؟ أم أن الاحتجاجات ستصبح جزءًا من الروتين الأسبوعي للمغاربة المتقاعدين؟
في النهاية، يبدو أن متقاعدي القرض الفلاحي قد تعلموا درسًا جديدًا: التقاعد ليس نهاية الخدمة، بل بداية معركة جديدة… معركة للحصول على الحقوق التي اعتقدوا أنها مضمونة.