المرتزقة الإعلاميون: بين الزيف والانحياز الممنهج
دابا ماروك
تغلغل الفساد في المنابر الإعلامية
الإعلام كان ولا يزال أحد الأعمدة الأساسية في بناء المجتمعات الديمقراطية. غير أن هذا الدور يتعرض لتشويه ممنهج على أيدي من يُطلق عليهم “مرتزقة الإعلام”، الذين لا يحملون من المهنية سوى الاسم، بينما ينفذون أجندات مشبوهة تهدف إلى تلميع صورة شخصيات نافذة والتعتيم على القضايا الحقيقية التي تهم المواطن العادي.
علاقة المال والنفوذ بالإعلام
ظاهرة المرتزقة الإعلاميين ليست مجرد صدفة، بل هي نتاج منظومة تتحكم فيها قوى المال والنفوذ. عندما يصبح الإعلامي أو الصحفي مجرد أداة لتضخيم الخطاب الرسمي أو الترويج لأجندات معينة، يتحول الإعلام من سلطة رابعة إلى أداة طيّعة تخدم مصالح الأثرياء وأصحاب النفوذ.
في مثال واضح، نجد أن هؤلاء المرتزقة لا يتجرؤون على انتقاد شخصيات مثل السيد عزيز أخنوش، الذي يمثل بنظرهم “ولي النعمة”، متناسين أن دورهم الأساسي هو مراقبة السلطة بكل أشكالها، سواء كانت سياسية أو اقتصادية.
الشعرية المشبوهة: واجهة للمصالح
العلاقات الشعرية التي يبنيها هؤلاء المرتزقة مع شخصيات بارزة في الساحة السياسية ليست مجرد علاقات عادية، بل هي أدوات لبناء شبكة من المصالح المتبادلة. يتم تبادل المجاملات علناً بينما تُعقد الصفقات سراً.
هذه العلاقات تعكس جانباً أعمق من الفساد الإعلامي، حيث يتحول الإعلامي إلى واجهة لتجميل صورة السياسي أو رجل الأعمال، بينما يتم تهميش القضايا الحقيقية التي تمس حياة المواطن.
التأثير الأخلاقي والاجتماعي
وجود هذه الفئة داخل المشهد الإعلامي له تأثير كارثي على أخلاقيات المهنة. عندما يتحول الإعلامي إلى بوق دعائي، يفقد الجمهور الثقة في وسائل الإعلام كمصدر موثوق للمعلومات. هذا الانحدار الأخلاقي يزرع الشك في نفوس المتلقين، ويدفعهم إلى البحث عن مصادر بديلة، قد تكون غير موثوقة في بعض الأحيان، مما يفاقم أزمة المعلومات في المجتمع.
آثار سياسية مدمرة
إن تواطؤ المرتزقة الإعلاميين مع قوى النفوذ يؤدي إلى تهميش القضايا الجوهرية. فعلى سبيل المثال، بدلاً من تسليط الضوء على معاناة الفئات الهشة، يتم التركيز على تلميع المشاريع الشخصية والسياسات التي تخدم النخبة فقط. هذا التوجه يعمق الفجوة بين الحاكم والمحكوم، ويزيد من حالة الإحباط العام في صفوف المواطنين.
دعوة لمواجهة الظاهرة
للتصدي لهذه الظاهرة، يجب على المجتمع المدني والصحافيين الحقيقيين الوقوف بحزم أمام هذه الممارسات المشبوهة. يتطلب الأمر:
- إصلاح القوانين لضمان استقلالية الإعلام وشفافية تمويله.
- تعزيز أخلاقيات المهنة من خلال برامج تدريبية ورقابية صارمة.
- تشجيع الإعلام البديل الذي يعتمد على الاستقلالية ويمثل صوت المواطن الحقيقي.
- مساءلة المرتزقة عبر فضح ممارساتهم أمام الجمهور، وإبراز التناقضات في خطابهم.
خاتمة: نحو إعلام نزيه
الإعلام ليس سلعة تُباع وتُشترى، بل هو مسؤولية أخلاقية تجاه المجتمع. الصحافة الحقيقية لا تخشى من مواجهة أصحاب النفوذ، بل تنحاز دائماً إلى الحقيقة. السبيل الوحيد لاستعادة ثقة المواطن في الإعلام هو محاربة المرتزقة الذين يحولون هذه المهنة النبيلة إلى وسيلة لتحقيق مكاسب شخصية على حساب القيم والمبادئ.