شرطة النظافة في الدار البيضاء: معركة ضد قشور الموز وأعقاب السجائر!
دابا ماروك
في خطوة طال انتظارها، تستعد جماعة الدار البيضاء لإطلاق ما أسمته “شرطة النظافة”، وهي فكرة تبدو للوهلة الأولى وكأنها جاءت مباشرة من مخيلة كاتب كوميدي يسعى لإنتاج عمل ساخر. فالجماعة قررت أن تقاتل عدوًا جديدًا: أكياس البلاستيك، القنينات الفارغة، وقشور الفواكه الملقاة على الأرصفة. إنها حرب مقدسة ضد القمامة، تشبه بدرجة غريبة تلك الحروب الملحمية التي نسمع عنها، لكنها هنا مسلحة بكاميرات مراقبة ومائة درهم كغرامة مالية.
“شرطة النظافة” ليست وليدة اليوم. إنها مولود شرعي لمجلس جماعي سابق كان يرأسه حزب العدالة والتنمية، لكنه كأي مولود غير مرغوب فيه، تُرك في زاوية مظلمة لسنوات دون أن يلتفت إليه أحد. والآن، بعد أن استعادت الجماعة وعيها البيئي، قررت إحياء هذا المشروع المهمل، وكأنها تقول لنا: “نعم، لدينا خطط عظيمة، لكننا نُخرجها من الأدراج عندما يصبح الغبار عليها كثيفًا بما يكفي لجعلها ملفتة للنظر.”
بالتعاون مع المديرية العامة للأمن الوطني، تعتزم الجماعة استخدام تسجيلات كاميرات المراقبة التي تزين الشوارع، ليس لمكافحة الجريمة، بل لرصد من تسوِّل له نفسه إلقاء منديل ورقي في غير مكانه المخصص. وربما سنرى قريبًا مشهدًا دراميًا لرجل شرطة يقتحم منزلًا، ويصرخ بصوت جهوري: “أين كنت ليلة أمس عندما ألقيت قشرة موز أمام بقال الحي؟”
وفقًا للقرار التنظيمي، سيتم تغريم المخالفين مائة درهم، وهي غرامة تبدو مضحكة في مدينة تُعرف بتكدس الأزبال في كل ركن وزاوية. ربما كانت الفكرة أن هذا المبلغ سيشعر المواطن بالذنب الكافي للتوقف عن ممارساته “الإجرامية”، أو ربما هي مجرد وسيلة أخرى لزيادة موارد الجماعة المالية، التي تتباهى بتحمل 70 في المائة من ميزانية شرطة النظافة، فيما تترك وزارة الداخلية تتحمل البقية.
لكن مهلاً، دعونا نكون منصفين. هناك جانب إيجابي: الجماعة تحاول فعل شيء، أي شيء، حتى لو كان أشبه بمحاولة تنظيف البحر بمصفاة شاي. وربما، فقط ربما، ستلهم هذه المبادرة المواطنين ليدركوا أن الشوارع ليست مكبًا مفتوحًا.
أما الجانب الساخر الحقيقي؟ فهو أننا نعيش في مدينة تعاني من أزمات بنيوية: النقل، الإسكان.
البنية التحتية… لكن الأولوية الآن هي مطاردة قشور الفواكه وأعقاب السجائر. إن كانت هذه ليست قمة الإبداع الإداري، فلا ندري ما هي.