سراويل كاشفة: بين الموضة والإثارة المتعمدة
دابا ماروك
يبدو أننا في هذا العالم الغريب نصطدم أحيانًا بمناظر تفتح أمامنا أبوابًا من الاستفهام غير المنتهي، كما لو أننا في فيلم كوميدي يربطنا بقوة داخل هذه الدوامة الاجتماعية التي لا منطق لها. ونجد أنفسنا في مواقف لا نعلم إن كنا نضحك أم نبكي، لا سيما عندما يتعلق الأمر بما يرتديه بعض الأشخاص في الأماكن العامة. نعم، سراويل التصريح على الممتلكات، كما يصطلح على تسميتها، هي موضوع نقاشنا اليوم، وهو موضوع قد يثير الكثير من الحرج، وقد يرفع نبضات القلب عند من لا يزالون يحاولون التمسك بأهداب الحياء في هذا العالم الذي يكاد يتحول إلى مسرح لألعاب السيرك في كل زاوية.
دعونا نتوقف قليلاً أمام تلك الظاهرة التي تجذب الأنظار كالمغناطيس: البنات اللواتي يتعمدن ارتداء سراويل “كشافة” أو تلك التي تكاد تلامس حدود اللامبالاة في تفاصيلها. هذه السراويل، التي تبدو وكأنها صنعت خصيصًا لتشويه المنظر العام بشكل مهني، تبدو كأنها إعلان على الجدران يكشف ما وراءه دون استئذان. وأنت تشاهد تلك الفتاة تتجول في الشوارع، لوهلة تعتقد أن الكاميرات مخفية في كل زاوية، تنتظر اللحظة المثالية لالتقاط صورة لهذه الفضيحة العصرية التي تجسدها الموضة المزعومة.
لكن لا، لا داعي للذعر، فهذا ليس تصريحًا عن عدم الاحترام للأخلاق، بل مجرد احتفاء بكل ما هو غير قابل للتفسير. ففي تلك اللحظة التي تسير فيها تلك الفتاة، وأنت تراقبها عن كثب، تدرك أن كل خطوة هي في الواقع دعوة للتساؤل: “هل هي حقًا تدرك كيف يظهر جسدها من خلال هذا الثوب أو هذا “السروال المسكين”؟ أم أن الأمر كله مسألة تصميم واختيار لا أكثر؟”. إذن، هل هي تعرف أم أنها غافلة؟ هل هي تتعمد لفت الأنظار أم أنها مجرد ضحية لمفهوم الموضة الذي أتى بها إلى هذا السطح العاري؟الشيء المثير في كل هذا هو أنه، على الرغم من أن البعض قد يرى في هذه الملابس أسلوبًا جريئًا أو متمردًا على الأعراف الاجتماعية، فإن البعض الآخر سيعتقد أنه مجرد “حركة” لتأكيد الذات أو لإثبات الحضور في فضاء عام ملئ بالأعين المتطفلة. وإذا كنا في أوروبا، فالأمر يختلف، بالطبع، حيث يتبادلون القبلات على أرصفة الشوارع وكأنهم في ساحة مباراة نهائية للكرة، حتى إنك قد تتساءل: هل هناك مكان آخر لهذا المشهد الذي لا ينتهي؟ هل تقتصر العواطف على الأماكن العامة فقط، كما لو كانت جزءًا من عرض مستمر لا يتوقف؟
وها نحن في محطة القطار، ننتظر تلك الوسيلة التي غالبًا ما تتأخر عن موعدها، في تلك اللحظة التي يكون فيها الزمن قد توقف بين الوجوه، ونحن جميعًا نراقب. الجيش العرمرم الذي يمر أمامنا، الكل متجه نحو اتجاهه، لكن هناك دائمًا من يلفت الأنظار، تماما كما حدث مع تلك الشابة التي مرت أمامنا. كانت تحمل وراءها شيئًا قد لا تراه أو قد تراه بشكل مختلف عنّا، لكن من خلال ملابسها كان واضحًا أن هناك استعراضًا، لا يمكن أن يكون محض صدفة. وكأن هناك قوة خفية تشجع على التحدي، بل وعلى التفاخر بما وراء الأقمشة، كأن الهدف هو أن تصبح هي المشهد نفسه، الكاميرا التي لا تحتاج إلى إعداد.
في النهاية، لا نعلم إذا كان التحريض على الفساد يسبق الاغتصاب أو العكس، لكن ما نعرفه حقًا هو أننا في عالم يتزايد فيه التقاط اللحظات المدهشة والفتاكة بعيوننا فقط. وكلما حاولنا تفسير هذه الظواهر، كلما اكتشفنا أننا نغرق في بحر أعمق من السخرية التي تستمر في جعلنا نشك في كل شيء.
ملحوظة: الصورة المرفقة قد تكون غير ملائمة للمعنيات بالموضوع.