المستشفيات: حين يصبح العلاج حلماً بعيد المنال
دابا ماروك
المستشفيات هي الوجهة الطبيعية التي يقصدها الناس بحثاً عن العلاج والرعاية الصحية. لكنها، للأسف، في كثير من الأحيان تصبح رمزاً لمعاناة جديدة، حيث تتحول رحلة العلاج إلى كابوس بعيد المنال، يعاني فيه المرضى وأسرهم من نقص الخدمات وسوء الإدارة.
نقص الإمكانيات الطبية
تواجه العديد من المستشفيات في الدول السائرة في طريق الديمقراطية، ومن بينها المغرب، عجزاً واضحاً في الإمكانيات الطبية. هذا العجز يشمل نقص الأطباء المتخصصين والممرضين، وندرة المعدات الطبية الأساسية، وتعطل أجهزة التشخيص والعلاج. في بعض الحالات، تصبح المستشفيات مجرد مبانٍ بلا روح، عاجزة عن تلبية الاحتياجات الأساسية للمرضى.
على سبيل المثال، في العديد من المناطق النائية، يحتاج المريض إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى مستشفى يقدم خدمات طبية أساسية. وعند الوصول، يجد نفسه في طوابير طويلة أو يُطلب منه شراء أدوية ومستلزمات طبية من الخارج بسبب غياب أو نقص المخزون.
التكاليف الباهظة للعلاج
أصبحت الرعاية الصحية عبئاً ثقيلاً على الأسر، حيث تتزايد تكاليف العلاج بشكل لا يتناسب مع دخل الأسر المتوسطة والمحدودة. وعلى الرغم من وجود التأمين الصحي في بعض الحالات، إلا أنه غالباً ما يغطي جزءاً بسيطاً من التكاليف، مما يدفع المرضى إلى الاقتراض أو بيع ممتلكاتهم لتغطية العلاج.
الأدوية، التي من المفترض أن تكون في متناول الجميع، أصبحت بدورها سلعة غالية. ومع تزايد استيراد الأدوية بدلاً من تصنيعها محلياً، ترتفع الأسعار بشكل يجعل العلاج الفعّال بعيد المنال للكثيرين.
الاكتظاظ والإهمال
تعاني المستشفيات الحكومية، التي تمثل ملاذاً لذوي الدخل المحدود، من ظاهرة الاكتظاظ الشديد. القاعات تعج بالمرضى، والممرات تضيق بالأسرّة، ما يجعل الخصوصية أمراً مستحيلاً. وفي ظل هذه الظروف، يصبح من الصعب على الأطباء تقديم الرعاية اللازمة لكل مريض، مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الصحية للمرضى.
الإهمال الطبي يشكل مشكلة أخرى، حيث تتسبب قلة الاهتمام في تفاقم الأمراض أو حتى فقدان الحياة في بعض الحالات. وقد ازدادت هذه المشكلة مع هجرة الأطباء إلى الخارج بحثاً عن ظروف عمل أفضل، مما أدى إلى نقص الكوادر الطبية المؤهلة.
الفساد الإداري وسوء التسيير
من أكبر التحديات التي تواجه المستشفيات في بعض البلدان هو الفساد الإداري. فالميزانيات المخصصة للرعاية الصحية غالباً ما تتعرض للتلاعب، مما يؤدي إلى نقص التجهيزات وسوء صيانة البنية التحتية. ويضاف إلى ذلك غياب الرقابة الفعّالة، مما يجعل المستشفيات عاجزة عن تحسين خدماتها.
النتائج الاجتماعية والنفسية
تحوّل المستشفيات من مكان للشفاء إلى مصدر للمعاناة يخلق نتائج سلبية على المجتمع. الأسر التي لا تستطيع تحمل تكاليف العلاج تجد نفسها مضطرة للتخلي عن بعض أفرادها المرضى أو اللجوء إلى وسائل علاج تقليدية غير مضمونة.
من الناحية النفسية، يعاني المرضى من الإحباط والشعور بالعجز، خاصةً عندما يصبح المرض تهديداً لحياتهم بسبب غياب الرعاية المناسبة.
الحلول الممكنة
- زيادة الميزانيات الصحية: يجب على الحكومات أن تزيد من الاستثمارات في القطاع الصحي، مع ضمان توجيه الأموال بشكل صحيح وشفاف.
- تحسين الرواتب وظروف العمل للأطباء والممرضين: للحد من هجرة الكفاءات.
- إنشاء مستشفيات جديدة وتجهيزها: خصوصاً في المناطق النائية.
- تشجيع صناعة الأدوية محلياً: لتقليل التكاليف وتوفير أدوية بأسعار معقولة.
- رقمنة الإدارة الصحية: لتسهيل تتبع الحالات وتقليل الفساد الإداري.
خاتمة
تحقيق الرعاية الصحية الشاملة والفعالة ليس رفاهية، بل هو حق أساسي من حقوق الإنسان. إن تحسين أوضاع المستشفيات وضمان وصول الجميع إلى العلاج يجب أن يكون على رأس أولويات الحكومات والمجتمعات. فلا يمكن بناء مجتمع قوي ومزدهر إذا كان أفراده يعانون في صمت من أجل حقهم في الحياة.