صرخة متقاعد: بين الإقصاء والمعاناة
دابا ماروك
توصلنا برسالة من متقاعد رمز إلى اسمه بـ”ب.غ”. ورغم أن صاحبها لم يُدلِ لنا باسمه بالكامل، إلا أننا وجدنا في كلماته عمقًا وإنسانية تستحقان النشر. رسالته تعكس صوت فئة تعاني بصمت، فقررنا نشرها كما وردتنا، وفيما يلي نص الرسالة:
“إلى من يهمه الأمر
تحية طيبة وبعد،
أنا مواطن مغربي قضيت عقودًا من حياتي في خدمة وطني، أتنقل بين مكاتب العمل ومواقع الخدمة، أضع كل طاقتي وجهدي في سبيل تحقيق الأفضل لمؤسستي، وأحلم بيوم أخلد فيه إلى الراحة بعد سنوات الكدّ. اليوم، وأنا في محطة التقاعد، لا أجد سوى شعور بالغُبن يثقل كاهلي.
نحن، المتقاعدين، أصبحنا فئة منسية. نتجرع مرارة الإقصاء من الحوار الاجتماعي وكأننا لا نمثل جزءًا من هذا الوطن. كيف يُعقل أن يتم مناقشة قضايا الشغيلة والزيادة في الأجور دون حتى الإشارة إلى المتقاعدين، الذين تتقلص معاشاتهم مع مرور الوقت، وكأنهم لم يكونوا يومًا جزءًا من عجلة الاقتصاد؟
- كيف يمكن أن يُتوقع منا أن نعيش بمعاش زهيد في وقت تعرف فيه الأسعار ارتفاعًا جنونيًا؟
- فاتورة الماء والكهرباء، تكاليف الصحة، متطلبات الحياة اليومية… كل هذا يجعلنا نعيش على حافة الفقر، بينما يُنظر إلينا كمن انتهى دوره في الحياة.
لماذا لا يكون لنا مكان في المفاوضات الاجتماعية؟ نحن لا نطالب بالمستحيل؛ فقط بإنصافنا بعد سنوات من العطاء.
- ألا يستحق المتقاعد أن يُنظر إلى معاشه كحق إنساني يضمن له حياة كريمة؟
- ألا يحق لنا أن يكون لنا صوت في تقرير مصيرنا؟
وعود هنا وهناك بتحسين أوضاعنا، ولكنها لا تتعدى كونها كلمات للاستهلاك الإعلامي. نسمع كثيرًا عن برامج تُخصص لنا، لكننا لا نلمس أي تغيير على أرض الواقع. هل من المعقول أن نُعامل وكأننا عبء بدلًا من أن نكون موردًا معرفيًا يمكن الاستفادة منه؟
أخاطب الضمير الحي، إن وجد، في كل مسؤول:
- لماذا تُحرم هذه الفئة التي قدمت الكثير للوطن من حقها في العيش بكرامة؟
- لماذا لا يتم العمل على تطوير نظام تأمين شامل يغطي احتياجات المتقاعدين الصحية والمادية؟
أكتب هذه الرسالة، ليس فقط لنفسي، بل لكل متقاعد يعاني في صمت. لا نطلب المستحيل، بل نريد حقوقًا تحفظ كرامتنا وتضمن لنا أن نعيش ما تبقى من حياتنا بلا مذلة أو شقاء.
وختامًا، أقول: كما أعطينا هذا الوطن في شبابنا، نستحق أن يعطينا بعضًا من التقدير ونحن على أعتاب شيخوختنا.
والسلام عليكم ورحمة الله.
التوقيع:
ب-غ، متقاعد فقد الثقة لكنه لا يزال يأمل في التغيير”.