الاتحاد المغربي للشغل وصحوة بعد السبات: أين كان موخاريق؟
دابا ماروك
وأخيرًا قرر الاتحاد المغربي للشغل أن يكسر صمته الطويل الذي كان أشبه بصمت القبور، ليعلن رفضه القاطع لمشروع قانون الإضراب الذي تم تمريره بمجلس النواب. مشروع أثار زوبعة من الجدل بين النقابات، بينما اكتفى الاتحاد، الذي يفترض أن يكون حامل لواء العمال، بمراقبة الوضع من كرسيه المريح حتى الآن.
في بلاغ صاغه الاتحاد بمهارة، بعد لقاء وفد من النقابة بوزير الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والمتوسطة والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، مساء الثلاثاء، عبّر عن رفضه لهذا المشروع “التكبيلي” الذي وصفه بأنه انتهاك صارخ لحق الإضراب الدستوري. جيد! ولكن، ألم يكن هذا الموقف يستحق أن يُعلن قبل تمرير المشروع بالغرفة الأولى؟ أين كان موخاريق؟ هل كان منهمكًا في تنظيم أوراقه أم في اختيار الكلمات المناسبة لبلاغه المتأخر؟
النقابة، التي تُعتبر من أكبر النقابات تمثيلية في المغرب، أثارت بموقفها الجديد تساؤلات حول سبب صمتها الطويل. البعض قال إن موقفها الحالي بدد الشكوك، لكن الحقيقة أن هذا الصمت لم يكن إلا استراحة طويلة في معركة لم تُخَض كما يجب.
ماذا قالت النقابة؟
الاتحاد المغربي للشغل أصر على التمسك بملاحظاته ومقترحاته السابقة التي رفعها للحكومة. يا لها من روح قتالية! لكن هل تساءل أحد لماذا لم نسمع هذا الحماس حين كان المشروع قيد النقاش؟ النقابة أكدت أن المشروع الحالي يسعى لتكبيل وتجريم حق الإضراب بفرض عراقيل تعجيزية وغرامات مالية باهظة تجعل من الإضراب أمرًا أشبه بالمستحيل. وماذا بعد؟
النقابة أشارت أيضًا إلى أن المشروع يتناقض مع التزامات الحكومة السابقة بخصوص الحوار الاجتماعي، ويتنافى مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. كما طالبت بإلغاء الفصل المشؤوم 288 من القانون الجنائي الموروث عن الاستعمار. مطالب مشروعة، ولكن ألم يكن من الأفضل إثارة هذه النقاط بفعالية أكبر قبل أن يتحول المشروع إلى واقع؟
وماذا بعد الصحوة؟
النقابة دعت الحكومة إلى اتخاذ إجراءات مصاحبة لهذا القانون، تشمل احترام الحريات النقابية، تعزيز أدوار وزارة التشغيل، وتشجيع المفاوضة الجماعية على جميع المستويات. كما طالبت بإلزامية التصريح بالأجراء في القطاع الخاص لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ومن باب الإنصاف، هذا كلام جميل، لكنه لا يزال في طور البلاغات.
ودعت النقابة كافة مناضليها إلى التعبئة والاستعداد للتصدي لهذا القانون. عظيم! ولكن هل ستنجح التعبئة هذه المرة في تغيير شيء أم أنها مجرد محاولة للحاق بالركب؟
ختامًا: أين كان الزعيم؟
يبقى السؤال الأكثر إلحاحًا: أين كان موخاريق عندما كانت الحكومة تناقش وتمرر مشروع القانون؟ هل كان في إجازة أم أنه اختار اللحظة المناسبة ليظهر وكأنه المنقذ؟ الحقيقة أن العمال، الذين يعتمدون على الاتحاد المغربي للشغل للدفاع عن حقوقهم، يستحقون تمثيلًا أكثر جرأة وفعالية. فقد تأخر الاتحاد كثيرًا، وتأخيره هذا يُفقده الكثير من المصداقية.
إذا كانت النقابة جادة في تصديها لمشروع قانون الإضراب، فعليها أن تُظهر أفعالًا حقيقية تتجاوز حدود البلاغات، وإلا فإن العمال سيجدون أنفسهم مضطرين للبحث عن صوت جديد يُعبّر عنهم بصدق وفي الوقت المناسب، وليس بعد فوات الأوان.