النساء المعيلات للأسر: نضال مزدوج في مجتمع ذكوري
دابا ماروك
في المجتمعات التي لا تزال تحكمها البنية الذكورية التقليدية، تواجه النساء المعيلات للأسر تحديات مضاعفة، حيث يضطررن إلى لعب دور مزدوج يجمع بين المسؤولية الأسرية والأعباء الاقتصادية. هذا الدور المزدوج يضعهن في معركة مستمرة من أجل تحقيق التوازن بين متطلبات العمل ومتطلبات الأسرة، مما يجعل حياتهن سلسلة من التضحيات والتحديات.
السياق الاجتماعي والاقتصادي
تزداد أعداد النساء المعيلات للأسر في المجتمعات العربية، ومن بينها المغرب، نتيجة لتغيرات اجتماعية واقتصادية كبيرة. تشمل هذه التغيرات ارتفاع معدلات الطلاق، وفاة الأزواج، أو غيابهم بسبب الهجرة أو أسباب أخرى. وبالرغم من هذه الزيادة، يظل الاعتراف المجتمعي بدورهن ودعمهن محدودًا، حيث تُفرض عليهن أعباء مضاعفة دون أن يُمنحن نفس الفرص أو التسهيلات التي يحصل عليها الرجال.
التحديات اليومية
- التمييز في سوق العمل: تجد النساء أنفسهن في وظائف أقل أجرًا مقارنة بالرجال، وغالبًا ما يعملن في ظروف عمل صعبة وغير مستقرة. يُضاف إلى ذلك غياب الدعم المؤسسي مثل توفير حضانات للأطفال في المناطق المهمشة أو تسهيلات للعاملات.
- الوصم الاجتماعي: تواجه النساء المعيلات نظرة سلبية من المجتمع، حيث يُنظر إليهن كأنهن قد فشلن في الحفاظ على “التوازن التقليدي” للأسرة، مما يضعهن تحت ضغط نفسي إضافي.
- الأعباء الأسرية: بالإضافة إلى العمل خارج المنزل، تُتوقع منهن إدارة شؤون الأسرة بالكامل، بما في ذلك رعاية الأطفال والعناية بكبار السن، مما يؤدي إلى إرهاق جسدي وعاطفي.
النضال من أجل التغيير
تسعى العديد من النساء المعيلات إلى تغيير واقعهن من خلال الانخراط في العمل المجتمعي، والانضمام إلى جمعيات تُعنى بحقوق النساء، والمطالبة بسياسات داعمة من الحكومة. ومن بين هذه المطالب:
- تحقيق المساواة في الأجور: يجب وضع قوانين تضمن للنساء المعيلات أجورًا متساوية مع الرجال لنفس العمل، مما يساعدهن على تحقيق الاستقلالية المالية.
- توفير الدعم الحكومي: يمكن للحكومات تقديم مساعدات مباشرة للنساء المعيلات، مثل دعم السكن، توفير حضانات بأسعار مناسبة، وتسهيلات القروض الصغيرة لبدء مشاريعهن الخاصة.
- التوعية المجتمعية: يتطلب تحسين وضع النساء المعيلات تغيير النظرة المجتمعية إليهن من خلال حملات توعية تُبرز دورهن الأساسي في بناء المجتمعات.
قصص نجاح ملهمة
على الرغم من التحديات الكبيرة، نجحت العديد من النساء المعيلات في تحقيق إنجازات مهمة على الصعيدين الشخصي والمهني. قصصهن تشكل مصدر إلهام للنساء الأخريات، حيث يظهرن أن الإصرار والعمل الجاد يمكن أن يتغلبا على القيود المجتمعية.
الخلاصة
تمثل النساء المعيلات للأسر شريحة حيوية في المجتمع، يواجهن نضالًا مزدوجًا لتحقيق حياة كريمة لأسرهن وفي الوقت نفسه المطالبة بحقوقهن في مجتمع يسيطر عليه التفكير الذكوري. دعم هذه الفئة يتطلب جهودًا متكاملة من الحكومة، المجتمع المدني، والأفراد، لضمان تمكينهن من تحقيق التوازن بين حياتهن الأسرية والمهنية، والمساهمة بشكل فعال في التنمية الشاملة للمجتمع.