أعوان السلطة: جنود الخفاء ومأساة “التعويضات” التي لا تُعوِّض!
دابا ماروك
من قال إن أعوان السلطة لا يملكون صبر أيوب العصر الحديث؟ ها هم، بعد أن شاركوا في مهمة وطنية شاقة مثل الإحصاء العام للسكان والسكنى، لم يحصدوا سوى الحسرة والخيبة. فما كان يُفترض أن يكون مكافأة مستحقة بعد 18 يومًا من العمل المتواصل، تحوّل إلى “كاشي” صغير لا يليق حتى بتغطية مصاريف الشاي والقهوة التي استهلكوها وهم يدقون الأبواب واحدًا تلو الآخر!
3240 درهمًا؟ جدًّا يا وزارة الداخلية!
إن مبلغ 3240 درهمًا الذي وصل إلى بعض حسابات أعوان السلطة أشبه بمزحة ثقيلة. كيف يمكن لهذا التعويض أن يغطي العرق الذي بذلوه وهم يجوبون الأزقة والمداشر، أو الصداع الذي سببه لهم تساؤلات المواطنين الفضوليين؟ ربما نسيت المندوبية السامية للتخطيط أن مهمة الإحصاء تعني التنقل المستمر، مواجهة الأجواء الحارة والباردة، والتعامل مع أشخاص يعتقدون أن الإحصاء هو مؤامرة خفية!
18 يومًا فقط؟
الحديث عن أن التعويض يغطي فقط 18 يومًا يُثير التساؤل. هل كانت أيامهم المتبقية في “راحة استجمام” وهم في الحقيقة كانوا منشغلين بتدريب أنفسهم، جمع المعلومات، وتحمل نظرات الريبة من المواطنين؟ حتى “غوغل ماب” كان ليعترض لو طُلب منه أن يغطي تلك المسافات يوميًا، فما بالك بالبشر!
أين باقي المستحقات؟
أما بالنسبة للأعوان الذين لم يروا درهمًا واحدًا حتى الآن، فهؤلاء لهم الحق في أن يسألوا: “واش الفلوس ضاعت في الطريق، ولا مازال كتدوز من السطح؟” يبدو أن وزارة الداخلية تُتقن فن “السوسبانس”، لكن ليس كل الأعوان في مزاج يسمح لهم بانتظار الحلقات القادمة.
تخوفات ومطالب مشروعة
الخشية من أن يتم إعادة توزيع المبالغ وفق “مزاج محلي” تُعبر عن واقع مرير، حيث الشفافية تبدو أحيانًا وكأنها ضيف شرف لا يحضر إلا نادرًا. أعوان السلطة يطالبون فقط بما يحق لهم: تعويضاتهم كاملة غير منقوصة، دون لف أو دوران.
خاتمة
إذا كانت هذه هي المكافأة الوطنية التي ينتظرها أعوان السلطة، فربما عليهم أن يُضيفوا عبارة جديدة إلى مهامهم اليومية: “توفير المازوط والمأكل من الجيب الخاص وتحمل الإهانات بصدر رحب”. أما التعويضات، فربما تحتاج إلى إحصاء خاص بها لمعرفة أين اختفت بين المندوبية والوزارة!