“أساتذة الزنزانة 10″… من الأقدمية إلى الأزلية؟
دابا ماروك
في مغرب الإصلاحات “الجذرية”، يبدو أن ملف “أساتذة الزنزانة 10” دخل موسوعة غينيس كأطول ملف اجتماعي في حالة انتظار “المعالجة النهائية”. وبينما يتأهب هؤلاء الأساتذة لحرق المزيد من الوقت في دهاليز الانتظار، تقف وزارة التربية الوطنية كالعادة في موقع المدرب الذي يُلقي بالكرة نحو وزارة المالية في مباراة لا يبدو أنها ستنتهي قريباً.
14 سنة؟ ماذا بعد؟
لنكن واقعيين: الحديث عن قضاء 14 سنة في الدرجة الثانية دون ترقية يشبه مطالبة السلحفاة بأن تخوض سباقاً ضد الأرنب، إلا أن السلحفاة هنا هي الوزارة نفسها! تُخاطب الجامعة الوطنية للتعليم الوزير محمد سعد برادة بضرورة تسوية هذا الوضع، مشددة على أن “التقيد أربع مرات” في جدول الترقي هو تأويل سلبي يجعل من الترقي حلماً مؤجلاً حتى عام 2028. بالمناسبة، 2028؟ حقاً؟ ماذا عن إدراج هذه السنة في المناهج الدراسية كمادة دراسية تحت عنوان: “كيف تنتظر بلا نهاية؟”
التأويل السلبي: فن بيروقراطي بامتياز
المادة 81 من النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية تبدو كمرآة عاكسة للتعقيد البيروقراطي المغربي. كيف يمكن تأويل نص بسيط ليُصبح متاهة قانونية؟ الجواب: اترك الأمر للوزارة، وستجد نفسك أمام شروط لا يمكن فهمها إلا إذا كنت تحمل شهادة الدكتوراه في “تأويل النصوص القانونية لصالح تأجيل الحقوق”.
مطالب الأساتذة: حلم صغير في بحر كبير
المطلب بسيط للغاية: بعد 14 سنة من العمل الشاق، يريد الأساتذة حقهم الطبيعي في الترقية. لكن، ويا للأسف، يبدو أن الحصول على هذا الحق يتطلب معجزة إدارية أكبر من فتح بوابة السماء السابعة. فبدلاً من منحهم حقهم بشكل مباشر، تُقحم الوزارة شرط التقيد أربع مرات، وكأننا نتحدث عن تدريب رياضي يتطلب جولات من “التقيد” لتحقيق التأهيل المطلوب.
“اتفاق 26 دجنبر 2023: وثيقة أم أسطورة؟
الاتفاق المذكور، الذي من المفترض أن يُنهي معاناة هذه الفئة، يبدو كأنه جزء من رواية خيالية تُروى على مسامع الأساتذة للتخفيف من وطأة الانتظار. فإذا كانت الوزارة قد أعطت “موافقتها المبدئية”، فلماذا لا يتم إعلان التسوية الرسمية؟ بالطبع، الجواب بسيط: وزارة المالية.
تعليق
لو كان للأساتذة “زنزانة 10” فريق كرة قدم، لأصبح أشهر من الرجاء والوداد، نظراً للصبر الأسطوري الذي يُظهرونه. بل ربما كانوا قد حصدوا كأس العالم في الصبر الإداري! وفي ظل هذه الأوضاع، قد يكون من الأفضل تغيير اسم “الزنزانة 10” إلى “الأبدية 10″، لتكون أكثر تعبيراً عن الواقع.
ختاماً
إن المطلب عادل وواضح، لكن البيروقراطية والجدل الإداري يحولان بين هؤلاء الأساتذة وحقهم الطبيعي. إذا كان الحل يتطلب انتظاراً حتى 2028، فإن الوزارة بذلك لا تُراهن على حل، بل تراهن على ملل الأساتذة أو تقاعدهم قبل أن يروا “الدرجة الأولى”. وبكل “تقدير”، يبدو أن وزارة التربية الوطنية بحاجة إلى ترقية عاجلة… لكن في الضمير الإداري.