أبطال من ورق: ظاهرة الأبطال الوهميين على الفيسبوك واليوتيوب
دابا ماروك
في العصر الرقمي الحالي، أصبح الإنترنت فضاءً مفتوحًا يسمح للأفراد بالتعبير عن أنفسهم بحرية، ومع ذلك، فإن هذه الحرية تفتح الباب أيضًا أمام ظاهرة جديدة تتعلق بظهور “أبطال من ورق” على منصات مثل الفيسبوك واليوتيوب. هؤلاء الأبطال لا يمتلكون صفات الأبطال الحقيقية، مثل الشجاعة والتضحية، بل هم أشخاص يخلقون صورة وهمية عن أنفسهم، ويسعون لتحقيق الشهرة والمجد عبر منصات التواصل الاجتماعي، سواء من خلال تقارير غير دقيقة أو من خلال تمثيل دور البطولة في قضايا لا يملكون فهماً حقيقياً لها.
- البحث عن الشهرة على حساب القيم
أبطال من ورق في الفيسبوك واليوتيوب هم أولئك الذين يروجون لأنفسهم على أنهم قادة أو خبراء في مجالات معينة، رغم أنهم لا يمتلكون أي خبرة حقيقية أو فكر نقدي. بعضهم قد يدعي أنه “منقذ” في قضايا اجتماعية أو رياضية أو سياسية، بينما في الواقع هم مجرد مؤثرين يبحثون عن جذب الانتباه لكسب المتابعين. على سبيل المثال، قد يظهر بعض الأشخاص في فيديوهات على يوتيوب وهم يتحدثون عن مواضيع معقدة، مثل السياسة أو الصحة، دون أن يكون لديهم أي معرفة عميقة بهذه المواضيع. ولكن، بمساعدة برامج المونتاج والتحرير، يمكن لهم إنشاء صورة جذابة تجعلهم يبدو وكأنهم خبراء.
- الاستفادة من السوشيال ميديا للوصول إلى الأضواء
منصات مثل الفيسبوك واليوتيوب توفر للأشخاص الفرصة لبناء جمهور واسع من خلال منشورات الفيديو أو الصور أو القصص اليومية. في بعض الأحيان، يتبنى هؤلاء “الأبطال” قضايا شعبية أو حالات اجتماعية تثير التعاطف، مثل حقوق الإنسان أو مكافحة الفساد، لتحقيق الشهرة والمكاسب الشخصية. ولكن، عندما يتطلب الأمر العمل الحقيقي والتضحية أو تقديم حلول عملية، نرى هؤلاء “الأبطال” يختفون أو يكتفون بتصريحات عامة لا تتجاوز حدود الكلمات، مما يفضح حقيقة افتقارهم للأفعال الجادة.
- التأثير السلبي على الجماهير
من خلال هذه الظاهرة، يمكن أن يشعر المتابعون والمتأثرون بهذه الشخصيات بأنهم يقيمون على معلومات مغلوطة، وقد يؤدي ذلك إلى تأثيرات سلبية على المجتمع. على سبيل المثال، يمكن أن يتبع الشباب أو الفئات الضعيفة هذه “الأبطال” بناءً على مشاعر التقدير والاحترام التي يظهرونها، رغم أن هؤلاء الأشخاص لا يقدمون في الحقيقة سوى رسائل سطحية أو مضللة. وعندما يتم اكتشاف الخداع أو الوهم وراء هذه الشخصيات، قد تنشأ حالة من الإحباط وفقدان الثقة، ليس فقط في هؤلاء “الأبطال” بل في القضايا التي كانوا يتظاهرون بدعمها.
- غياب المحاسبة: الهروب من المسؤولية
في معظم الحالات، لا يعاني هؤلاء “الأبطال” من محاسبة فعلية على أفعالهم، بما أن الفيسبوك واليوتيوب يوفران لهم منصة لنشر محتوى لا يتطلب تدقيقًا أو رقابة فعلية. قد يستمرون في نشر الفيديوهات والتصريحات المثيرة للجدل دون أن يتعرضوا لأي نوع من المساءلة. وهذا يفتح المجال أمام المزيد من الشخصيات التي تعتمد على الإعلانات التجارية والمحتوى المثير أو الغريب لجذب الانتباه، دون أن تتحمل مسؤولية حقيقية لما تقدمه من محتوى.
- المعركة الحقيقية للمحتوى الجاد
على الرغم من أن الأبطال من ورق قد يحصلون على الأضواء والانتشار، إلا أن الواقع يفرض نفسه في النهاية. المحتوى الجاد الذي يتناول قضايا حقيقية أو يساهم في حل المشكلات الاجتماعية أو الاقتصادية يظل بحاجة إلى دعم حقيقي من الجمهور، بعيدًا عن “الشهرة الزائفة”. ولذا، يتعين على المتابعين والمشاهدين أن يكونوا أكثر وعيًا وتمحيصًا في اختيار من يتابعونهم على منصات مثل الفيسبوك واليوتيوب، والتركيز على المحتوى الذي يعكس الفائدة الحقيقية والواقعية بدلاً من الانجراف وراء الترفيه السطحي أو العروض الوهمية.
- ضرورة التوعية والتحقق من المعلومات
من أجل محاربة هذه الظاهرة، يجب على الجماهير أن تكون أكثر وعياً في التعامل مع محتوى منصات التواصل الاجتماعي. يمكن أن يكون البحث والتحقق من صحة المعلومات جزءًا من الحل لمواجهة ظاهرة الأبطال من ورق. يجب أن يتحلى المتابعون بالحذر وعدم الانخداع بالصور المثالية أو التصريحات الجذابة التي لا تُمثل الواقع.
في الختام، إن ظاهرة “الأبطال من ورق” على الفيسبوك واليوتيوب هي بمثابة تحذير للجميع بضرورة التمييز بين المحتوى الحقيقي والمحتوى الذي يتم استغلاله فقط لتحقيق المصالح الشخصية. على الرغم من أن هذه الظاهرة قد تكون مسلية في بعض الأحيان، إلا أن تأثيرها طويل الأمد على الأفراد والمجتمعات قد يكون مدمرًا إذا لم يتم التعامل معها بحذر.