من رعي الماعز إلى كراسي الوزارات: هل الكفاءة تُكرَّم أم تُهان في المغرب؟
دابا ماروك
في مغرب يتأرجح بين الواقع والخيال، حيث تُورث المناصب السياسية وتُوزع وفقًا للولاءات والعلاقات، تبرز قصص فردية تُظهر أن الكفاءة يمكن أن تتفوق على الظروف. واحدة من هذه القصص المُلهمة هي قصة وزيرة مغربية بدأت حياتها كراعية أغنام في إحدى القرى النائية بالريف بالمغرب ويتعلق الأمر بالسيدة نجاة بلقاسم. هاجرت مع أسرتها بحثًا عن فرصة للنجاح، فوجدت نفسها بعد ذلك، في أعلى سلم السلطة السياسية. ولكن، يبقى السؤال الأهم: هل كانت حقًا الأكثر كفاءة في هذا المنصب؟ أم أن الظروف والمعايير الاجتماعية في المغرب جعلت من هذه القصة مجرد استثناء قد يصعب تكراره؟
امرأة مغربية استطاعت أن تخطو خطوات كبيرة رغم الظروف الصعبة التي نشأت فيها. هذه القصة تعتبر نموذجًا يحتذى به، ولكنها في ذات الوقت تفتح الباب لمناقشة قضايا أكبر، مثل الفرص التي يمنحها المجتمع لبعض الأفراد بناءً على خلفياتهم الاجتماعية أو الاقتصادية.
الوزيرة التي كانت ترعى الماعز، ثم هاجرت مع أسرتها إلى الخارج وتدرجت حتى وصلت إلى منصب وزاري هي قصة صراع وتحدي. ومع ذلك، يمكننا أن نتساءل: هل كان الطريق إلى هذه المكانة نتيجة للكفاءة والجدارة أم أن المحسوبية والفرص كانت لها دور أيضًا؟
1. القوة التحويلية للهجرة
الهجرة في هذه الحالة يمكن أن تُعتبر وسيلة للخروج من دائرة الفقر والحرمان. الشخص الذي ينشأ في بيئة فقيرة أو قروية، مثل راعية الأغنام، يكون أمامه تحديات كبيرة. لكن الهجرة قد توفر له فرصة للوصول إلى التعليم والفرص التي قد لا تكون متاحة في وطنه. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يُنظر إلى هذه التجارب كدليل على الكفاءة، أم هي مجرد قصة نجاح فردية يمكن أن تُنسَب إلى الظروف التي وفرتها الدولة المضيفة؟
- التركيز على الكفاءة أم الشبكات الاجتماعية؟
في المغرب كما في العديد من الدول، لا تزال هناك قوى غير مرئية تساهم في صعود الأفراد إلى المناصب العليا، بغض النظر عن كفاءاتهم الحقيقية. بينما قصة الوزيرة قد تكون قصة كفاح فردي، إلا أن السؤال الأهم يبقى: هل هي فعلاً أفضل من بين جميع الكفاءات المتاحة في الوطن؟ أم أن الفرص التي أتيحت لها كانت نتيجة لعوامل أخرى تتعلق بالطبقات الاجتماعية أو شبكات العلاقات؟
- “لو كانت هنا”، هل يتغير مصيرها؟
هذه العبارة تشير إلى حقيقة مهمة: الظروف التي يمر بها الإنسان، والمكان الذي نشأ فيه، يمكن أن يحددا مصيره. لو كانت هذه الوزيرة قد بقيت في المغرب ولم تهاجر، هل كان من الممكن أن تكبر “راعية أغنام” كما تقول المقولة؟ هذه التساؤلات تدعو للتفكير في النظام الذي يحكم فرص الصعود الاجتماعي في المغرب، وكيف أن البقاء في بيئة غير مواتية يمكن أن يكون عاملًا يقيد النمو الشخصي.
- التعليم كوسيلة للتمكين
هذه القصة تبرز أهمية التعليم كأداة رئيسية للتحرر الاجتماعي. الوزيرة التي نشأت في بيئة قروية وبدأت حياتها راعية للأغنام، تمكّنت من أن تصبح نموذجًا يحتذى به في مجال السياسة بسبب التعليم الذي حصلت عليه بعد الهجرة. لكن، هل هذا النموذج يمكن أن يتكرر في المغرب إذا تم منح التعليم الكافي للجميع؟ وكيف يمكن بناء نظام تعليمي يضمن أن جميع الأطفال لديهم نفس الفرص؟
- التحديات التي تواجه المرأة المغربية في السياسة
قصة الوزيرة لا تقتصر على صراع فردي من أجل النجاح فقط، بل هي أيضًا إشارة إلى التحديات التي تواجهها المرأة المغربية في عالم السياسة، خصوصًا في ظل وجود مجتمع يتسم بالعديد من القيود الاجتماعية والتقاليد التي قد تحد من تطور المرأة سياسيًا واقتصاديًا.
الخلاصة:
تستحق هذه القصة أن تُذكر وتُحتفل بها، فهي تمثل القوة البشرية والإرادة التي تتجاوز القيود الظرفية. ومع ذلك، فإن السؤال الأعمق يتعلق بكيفية ضمان أن تكون الفرص متاحة للجميع، سواء كانوا من خلفيات فقيرة أو غنية، وأن يتم تمكين الأفراد بناءً على كفاءاتهم وإمكاناتهم الحقيقية، وليس على خلفياتهم الاجتماعية أو علاقاتهم.