السكن المدعوم: حلم المغاربة الجديد أم نكتة الموسم؟
دابا ماروك
في مشهد مغربي أصيل لا يخلو من الكوميديا السوداء، أطلت علينا وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، لتكشف لنا عن آخر مستجدات دعم السكن. وكأننا أمام فيلم من إنتاج هوليوود، عدد الطلبات يتطاير هنا وهناك كما لو أننا بصدد مسابقة وطنية للحصول على تذكرة VIP لحفل رأس السنة.
125 ألفًا و280 طلبًا! رقم مبهر، أليس كذلك؟ لكنه لا يتجاوز في الواقع مجرد حلم مؤجل. الوزيرة، بكل ثقة، أعلنت أن 111 ألفًا و569 طلبًا فقط حصلوا على الموافقة الأولية. أما تلك الطلبات التي “استكملت المسطرة”، فقد بلغت 33 ألفًا و565 طلبًا. وهنا السؤال: ما الذي حدث لبقية الطلبات؟ هل اختفت في حفرة مثلث برمودا الإداري؟ أم أن أصحابها تاهوا بين مكاتب تصحيح الوثائق وصور بطاقة التعريف المنسوخة خمس مرات؟
النساء والمغاربة المقيمون بالخارج: من يتصدر المشهد؟
الوزيرة، وكأنها في حملة تسويقية لإحدى شركات مستحضرات التجميل، ذكرت بفخر أن نسبة النساء تشكل 42% من الطلبات المقبولة. هل يعني هذا أن المرأة المغربية أصبحت ترى “شقة السكن الاقتصادي” كأحد مستلزمات “الاستقلالية المعيشية”، أم أن الرجال انسحبوا بهدوء، مفضلين الترقب من بعيد مع كوب شاي مغربي أصيل؟
أما الجالية المغربية بالخارج، التي تشكل 22% من الطلبات المقبولة، فقد يبدو الأمر وكأنهم يبحثون عن “وطن بديل” داخل وطنهم الأصلي، حيث يضمنون لهم ملاذًا اقتصاديًا ولو بحجم علبة سردين.
دعم السكن أم مسابقة الصبر الوطني؟
لعل أهم سؤال يبقى معلقًا في الأفق هو: كيف لهذه الآلية أن تساهم في حل أزمة السكن بالمغرب؟ هل نحن بصدد نظام يعمل حقًا لصالح المواطن، أم أن الهدف هو حشد أرقام تثير إعجاب المؤسسات الدولية وتبرر الموازنات المخصصة للدعم؟
لنكن واقعيين: المواطن المغربي الذي يناضل يوميًا للحصول على السكن المدعوم، قد لا يرى فرقًا كبيرًا بين هذا الدعم والحلم بشراء فيلا في باريس. فالانتظار، والبيروقراطية، وكثرة الشروط، كفيلة بتحويل الفكرة إلى تجربة أشبه بمغامرة “البحث عن الكنز”.
وفي الختام، نقول للسيدة الوزيرة: شكرًا على الأرقام. لكن هل من الممكن أن تقدموا لنا أرقامًا أخرى؟ مثل عدد الذين “حصلوا بالفعل” على السكن، وعدد الذين فقدوا الأمل، وعدد الذين قرروا الانسحاب بهدوء؟ فقط لنفهم كيف ننتقل من “الطلبات المقبولة” إلى “الواقع المقبول”.
أعزائي القراء، إلى حين تحقيق ذلك، استمتعوا بأرقام أخرى قد تظهر قريبًا: كم من الوقت يلزم لتحويل حلم السكن إلى واقع؟