مجتمع

فيضانات شتنبر: حين غرق الدعم قبل أن يصل إلى مستحقيه

دابا ماروك

في مشهد يليق بملهاة سوداء، أطلق عدد من الحقوقيين صرخة استنكار مدوّية على إيقاع مأساة فيضانات شتنبر التي أغرقت الجنوب الشرقي للمغرب، ولكن يبدو أن غرق الدعم المالي لم يكن أقل مأساوية. فالحقوقيون، بأسلوب يشبه تقريع الأساتذة لتلاميذ مشاغبين، ندّدوا بما وصفوه بـ”توزيع الدعم على أسس غير مفهومة، حيث ظهر أن البعض من أصحاب الحظوظ العجيبة حصدوا نصيبهم من الكعكة الملكية، بينما تُرك الآخرون يراقبون من بعيد، كما لو أن مصائبهم مجرد مشاهد جانبية في دراما لا تعنيهم”.

الحقوقيون، الذين يفضلون أسلوب التصريحات اللاذعة، لم تفوّتهم فرصة توبيخ الجهات المسؤولة، مؤكدين أن هذه الأخيرة “لم تحرك ساكناً بما يكفي”، وكأن الأضرار لم تكن سوى إشاعة عابرة. وفي بيان حمل نبرة تأنيب، أكدوا إن عدم تشكيل لجنة ذات مصداقية لتحديد حجم الأضرار هو الجريمة الأولى في لائحة طويلة من الإخفاقات، ما أدى إلى تأخير الدعم وتحويله إلى حلم بعيد المنال.

مطالب الحقوقيين لم تقف عند حدود التنديد؛ بل طالبوا بإعادة فتح ملف الدعم عبر “لجنة مستقلة وموثوقة”، لعلّها تنقذ ما تبقى من ماء الوجه، مع وعد بمحاسبة من ارتكبوا “خطيئة الإهمال”. ولمزيد من السخرية، اقترح الحقوقيون نشر قوائم المستفيدين “كي يعرف المواطنون من هم أبطال الحظ السعيد”، في خطوة تشبه عرض نتائج اليانصيب.

أما الاقتراحات فهي تفيض بالمنطق: “تقديم مساعدات استعجالية شهرية لتغطية الإيجار والطعام”، وكأن الكوارث الطبيعية تحتاج إلى جدول معاشات منتظم. كما شددوا على “تعزيز البنية التحتية” و”ضمان الحماية من التشرد”، في توصيات تصلح لتقرير لجنة أممية أكثر منها حلاً واقعياً.

فبين توزيع الدعم وكارثة الفيضانات، يبدو أن الجنوب الشرقي وقع ضحية فيضان آخر: فيضان من القرارات المعلقة والمطالب المؤجلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى