أمين الناجي و”راسي مرفوع”: هل سيكون فيلمه فخرًا للرجاويين أم استفزازًا للوداديين؟
دابا ماروك
في خطوة قد تبدو طبيعية في ظاهرها، قرر الممثل المغربي أمين الناجي الانتقال من التمثيل إلى التأليف، حيث يعمل حاليًا على إنهاء كتابة فيلمه الجديد بعنوان “راسي مرفوع”. لكن ما يبدو مشروعًا وطموحًا في عالم الفن، قد يصبح شرارة لجدل قد لا تنطفئ نيرانه قريبًا، خاصة إذا تعلق الأمر بمجال حساس يجمع بين الرياضة، الهوية، والولاء الجماهيري.
درب السلطان: الملهم والملغوم
اختار أمين الناجي استلهام فكرة فيلمه من درب السلطان، الحي العريق والمعقل الأول لنادي الرجاء البيضاوي، حيث قضى طفولته وشبابه. هذه الخلفية تمنح القصة بعدًا إنسانيًا واجتماعيًا قويًا، لكنها في الوقت ذاته قد تُفسر كتصريح ولاء صريح لجماهير الرجاء، وهو ما قد يجعل العمل الفني محل تساؤلات أو حتى مقاطعات من أطراف أخرى، تحديدًا جمهور الوداد البيضاوي، الغريم التقليدي.
السينما والرياضة: ازدواجية الولاء
قد يرى البعض أن الانتقال من التمثيل إلى التأليف أمر فني بحت، إلا أن اختيار موضوع يمس شريحة جماهيرية حساسة كالرجاء والوداد ليس بالأمر البريء تمامًا. فالجمهور المغربي معروف بحماسه وارتباطه العاطفي العميق بأنديته، إلى درجة أن أي عمل فني يتناول أحد الفريقين يُفسر غالبًا كاصطفاف أو استفزاز.
عنوان الفيلم، “راسي مرفوع”، قد يحمل في طياته إشارات رمزية تفهمها جماهير الرجاء كرسالة فخر وانتماء. ولكن ماذا عن الطرف الآخر؟ هل سيعتبره جمهور الوداد رسالة مبطنة أو استعراضًا لهيمنة درب السلطان كرمز رياضي؟
الفن كجسر أم كأداة لاستفزاز؟
في السياق المغربي، يكتسب الفن طابعًا جماهيريًا يتجاوز الإبداع إلى التوظيف الرمزي. اختيار الناجي لدرب السلطان قد يكون بمثابة احتفاء بتاريخ الرجاء وترسيخ لفكرة النادي ككيان شعبي من صميم هذا الحي، لكن السؤال الأكبر يظل:
- هل يستطيع الفيلم أن يُبرز هذا الجانب دون إقصاء أو استفزاز لجمهور الفريق الآخر؟
ما وراء الكواليس: موقف الوداديين
بالنسبة لجماهير الوداد، قد ينظر البعض إلى هذه الخطوة بنوع من التوجس. فدرب السلطان بالنسبة للرجاويين هو رمز يختصر قصة فريقهم، لكن بالنسبة للوداديين، قد يبدو وكأنه محاولة لإعادة كتابة التاريخ على حساب أحياء ورموز أخرى تعبر عن هويتهم.
التحدي الحقيقي الذي سيواجهه الناجي هو تقديم عمل ينصف القصة دون الانحياز، وإلا فقد يجد نفسه في مواجهة شريحة عريضة من جمهور يعتبر السينما ميدانًا لا يقل أهمية عن ملاعب كرة القدم.
الطموح الفني في مواجهة الولاءات الجماهيرية
ليس غريبًا أن يتجه الممثلون نحو التأليف أو الإنتاج، لكن عندما تتداخل الرياضة، المشاعر الجماهيرية، والفن، يتحول المشروع إلى ما هو أكثر من مجرد فيلم. يصبح العمل انعكاسًا لصراعات الهوية والانتماء التي تتجاوز حدود الشاشة.
قد يكون أمين الناجي واثقًا في “رفع رأسه” بفيلمه الجديد، ولكن السؤال المطروح: هل سيتمكن من رفع رأسه أمام جمهور الوداد الذي قد يرى في هذا الفيلم انحيازًا مكشوفًا؟ وهل سيكون “راسي مرفوع” جسرًا للتقارب بين الجماهير أم سببًا جديدًا لتعميق الخلافات؟
في الختام
يبقى فيلم “راسي مرفوع” مشروعًا فنيًا يستحق الدعم، لكن الأهم هو كيف سيتم تقديم القصة. فالأفلام التي تتناول مواضيع ذات حساسية جماهيرية تحتاج إلى جرأة وحنكة في الوقت نفسه، لئلا تصبح مجرد أداة لاستفزاز فريق أو جماهير على حساب الأخرى. وفي بلد كالمغرب، حيث كرة القدم ليست مجرد رياضة بل ثقافة، يُطلب من الفنانين الحذر الشديد، لأن أصغر التفاصيل قد تصبح شرارة جدل لا ينتهي.