قرار تعليق الدراسة: ضربة استباقية أم استعراض لبطولات الطقس؟
دابا ماروك
في خطوة مفاجئة أعادت إلينا ذكريات الأفلام الكلاسيكية عن المواجهة البطولية بين الإنسان والطبيعة، قررت السلطات الإقليمية في ورزازات تعليق الدراسة أمس السبت في عدة جماعات قروية بالإقليم. السبب؟ نشرات جوية تحمل تهديداً من “مستوى يقظة برتقالي” جعلتنا نشعر وكأننا في مواجهة إعصار من فئة خمس نجوم، بينما الواقع يشير إلى تساقطات ثلجية وموجة برد تتكرر كل عام وكأنها موظف حكومي ملتزم بالمواعيد.
من أجل “سلامة التلاميذ”: أمور لا نراها في الأيام العادية
السلطات تؤكد أن القرار يأتي لضمان سلامة التلاميذ، وهذا بالتأكيد خبر مبهج لمن كانوا يعتقدون أن التلاميذ لا يواجهون أي خطر آخر سوى “برتقالي الأرصاد الجوية”. ماذا عن المدارس المتهالكة التي تسقط أسقفها قبل أن تسقط الثلوج؟ وماذا عن التلاميذ الذين يعبرون الأودية حفاة للوصول إلى الفصول؟ يبدو أن سلامتهم تصبح أولوية فقط عندما ترتدي الطبيعة معطفها الأبيض.
البرد القارس: عدو الشعب الأول
درجات حرارة تصل إلى ناقص 5 درجات؟ في المغرب، نحن خبراء في التعامل مع “البرد”. نحن نلبس الجلباب ونضع البطانية على الكتف ونواصل حياتنا، ولكن يبدو أن لجنة اليقظة قررت أن تجعل البرد بطلاً خارقاً يستحق نشرات الإنذار والقرارات الدرامية. أين كانت هذه القرارات عندما تساقطت الثلوج في الأعوام السابقة وأُجبر الأطفال على الجلوس في أقسام باردة كالثلاجات؟
مشهد ساخر: مدارس مغلقة وشوارع مفتوحة
الأطرف في القصة أن تعليق الدراسة لا يشمل الطرقات أو السوق الأسبوعي أو حتى تلك الأنشطة التقليدية التي تجذب المئات تحت نفس الطقس. إذا كان الهدف هو حماية الأرواح، فلماذا لا تُغلق كل المرافق؟ أم أن الثلج والبرد يهاجمان فقط المدارس؟ ربما علينا أن نُجري مقابلة مع هذا “البرتقالي” ليفسر خططه العدائية تجاه التلاميذ بالذات.
حلول جذرية؟
إذا كنا سنتحدث بجدية للحظة، فتعليق الدراسة ليس حلاً مستداماً. الحل يكمن في تحسين البنية التحتية، توفير التدفئة في المدارس، وضمان وجود وسائل نقل آمنة. ولكن للأسف، يبدو أن السلطات تُفضل قرارات سريعة وسطحية على معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة.
بين الحقيقة والتهريج
ربما لا يحتاج القرار إلى كل هذه الجلبة، ولكن يحتاج التلاميذ إلى شيء آخر تماماً: اهتمام حقيقي ومشاريع مستدامة. حتى ذلك الحين، يبدو أننا سنظل نعيش بين قرارات لا تسمن ولا تغني من برد، ونشرات جوية تجعلنا نشعر وكأننا نعيش في قلب القطب الشمالي.