التقاعد في المغرب: حلم شيخوخة بلا معاش، والأمل في سنتين زيادة!
دابا ماروك
ها قد عدنا مجددًا إلى رحلة “أحوال التقاعد في المغرب”، تلك الرحلة المليئة بالمفاجآت! لنبدأ الاستطلاع الجديد بجرعة سخرية تكفي لجعل حتى العصافير تضحك في السماء. لنلقِ نظرة على الأرقام، ولكن من زاوية أخرى، زاوية “عندما يصبح التقاعد مجرد حلم بعيد”.
36% بلا معاش… حتى لو تجاوزوا 60 سنة! أول مفاجأة نبدأ بها هي أن 36% من المغاربة لا يشملهم أي نظام تقاعد! بمعنى آخر، إذا قرروا أن يحيوا بعد الـ60 سنة، فهم في وضع يشبه العيش في “حالة طوارئ”. أين سيلجأون؟ لا معاش حكومي، ولا تقاعد من الشركات، ولا حتى وعود من الأبراج العالية بالحلول السحرية. هؤلاء يعيشون تحت شعار “شباب اليوم وغدًا الشيخوخة” بدون مظلة أمان.
إذاً، هم يراهنون على أمر واحد: “سنتين زيادة في العمر”. يعني لو قدر لهم العيش بعد الـ60، سيكونون محظوظين إذا لم يضطروا للعمل حتى آخر لحظة لكي يحصلوا على لقمة العيش. فحتى لو كانوا في سن التقاعد، لا يزالون “بلا معاش”، على الأقل لا توجد مؤسسة تضمن لهم “كوب شاي ساخن” في الشيخوخة. حياة مليئة بالآمال المفقودة!
64% يحصلون على معاش؟ لا تفرحوا بسرعة! أما الـ64% الذين يحصلون على معاش تقاعدي، فهنيئًا لهم… أو بالأحرى، هنيئًا لأقل من نصفهم! لأن 59% منهم يشملهم التأمين من قبل الشركات التي يعملون بها. يعني، هم يعتمدون على “الكرم” الذي يقدمه رب العمل، كما لو كان “بابا نويل” يمر من أمامهم في نهاية كل شهر. هذه الـ59% لا يعرفون إذا كانت الشركات ستظل مستمرة أو إذا كان “الكرم” سيظل مستمرًا حتى آخر العمر، لكنهم يمكنهم النوم وهم مطمئنون، إلى حد ما. أما الـ5% الذين يؤمنون تقاعدهم بشكل فردي، فهؤلاء يبدون كأبطال خارقين يحاولون محاربة “مصيرهم” بنفسهم، ويأملون أن ينجحوا في جمع ما يكفي من المال ليعيشوا “بكرامة” في المستقبل.
86% من العاملين في القطاع غير المهيكل؟ كأنهم يعيشون في “عالم آخر”! ننتقل الآن إلى الفئة التي تعمل في القطاع غير المهيكل. الحقيقة هنا غير مفاجئة، ولكنها محزنة: 86% منهم لا يشملهم أي نظام تقاعد. يعني، هؤلاء يعيشون تحت شعار “إذا قمت بالعمل اليوم، فالأمل في غدٍ بعيد”. حياتهم شبيهة بلعبة “القط والفار” مع المستقبل، و”الفار” هنا هو الأمل في معاش تقاعدي. ولكن رغم ذلك، هناك 10% منهم قرروا أن يواجهوا المستقبل بشجاعة، فساهموا بشكل فردي في نظام التقاعد. هؤلاء العشرة بالمائة يجب أن يرفع لهم الجميع القبعة، لأنهم يتعاملون مع المستقبل كما لو أنهم يزرعون بذوراً لأشجار قد تُثمر يومًا ما.
التقاعد التكميلي: الخطة المفقودة وأخيرًا، نصل إلى أكثر النقاط سخرية: التقاعد التكميلي! هل تعلمون أن 85% من المغاربة لا يخططون للتقاعد التكميلي؟ يبدو أنهم يعتقدون أن “التقاعد” هو مجرد خدعة أخرى، وأن المال سيأتي من مكان سحري في السماء بمجرد بلوغ سن التقاعد. أما الـ15% الباقون الذين لديهم خطط ادخار للتقاعد التكميلي، فهؤلاء يبدو أنهم يتعاملون مع الأمر وكأنهم في سباق مع الزمن. من هؤلاء؟ 10% يستفيدون من تقاعد تكميلي عبر شركاتهم (يعني، إذا لم تُغلق الشركة أبوابها أو إذا قرر صاحب العمل أن يكون كريمًا)، و4% آخرين يراهنون على الاشتراكات الفردية (والذين يبدو أنهم يعتقدون أن هذه الاشتراكات ستنقذهم من الشيخوخة في اللحظات الأخيرة)، أما الـ1% الباقون فهم المدخرون البنكيون الذين يعتمدون على “الحسابات البنكية” للتقاعد كما لو كانوا يتعاملون مع سحر مالي لا يمكن تفسيره.
الخلاصة… ضحك وبكاء معًا! نستطيع القول، مع كل هذا التناقض، أن التقاعد في المغرب هو “غول غير مرئي” يطارد الجميع. 36% بلا معاش، 64% يعتمدون على الشركات ولكنهم لا يعرفون إذا كان هذا سيستمر، 86% من العاملين في القطاع غير المهيكل غير مشمولين بأي تأمين، و85% لا يخططون للتقاعد التكميلي. إذن، يبدو أن كل شيء يعتمد على الأمل في “العمر” والفرصة التي قد تأتي من حيث لا يحتسبون. ولكن في النهاية، يبقى السؤال: هل ستوفر الدولة حلاً في المستقبل أم سيظل “المغاربة” في سباق مع الزمن، متمنين زيادة في العمر على أمل أن لا تنقطع الرحلة؟
إلى هنا، يظل التقاعد في المغرب لغزًا مستمرًا، ومجموعة من الأرقام التي تثير السخرية أكثر من أي شيء آخر.