مجتمع

التملق والنفاق في بيئات العمل: كيف يُفسد التزلف مصداقية المؤسسات ويعيق تقدمها

دابا ماروك

في عالم العمل، حيث المنافسة الحقيقية يفترض أن تكون على الكفاءة والنتائج، نجد في المغرب – كما في العديد من الأماكن – ظاهرة غريبة تتسلل كطفيلي إلى المؤسسات: التملق والنفاق. هذه “الآفة الاجتماعية” تجعلنا نتساءل: هل نعمل أم نصنع مسرحية هزلية يومية؟

تعريف التملق: حرفة بدون شهادة

التملق هو فن التزلف وإرضاء الرؤساء بطريقة تجعل كل ابتسامة أو كلمة تقال أشبه بعرض مسرحي مليء بالتصنع. بعض الموظفين يتعاملون مع المدير وكأنه “فرعون صغير”، وكل كلمة منه هي “وحي لا يُرد”. هؤلاء يرون في مسح الحذاء – مجازياً بالطبع – طريقاً مختصراً للترقية، لأنه لا مجال للكفاءة عندما تكون لديك مهارات التملق الخارقة؟

لماذا انتشر التملق كالنار في الهشيم؟

  1. الأنظمة الهرمية الصارمة: لأن القرب من المسؤول أهم من الإنجاز، فالسلم الوظيفي بات يشبه “سلم الطوارئ”: تسلق سريع لكن بدون أي سلامة مهنية.
  2. غياب الشفافية: عندما تصبح التقييمات المهنية مبهمة كطقوس قبائل بعيدة، يتجه الموظفون للعب على وتر العلاقات بدلاً من النتائج.
  3. الثقافة المجتمعية: الولاء للأشخاص يتفوق على الولاء للعمل، ما يجعل البعض يؤمن أن الطريق إلى قلب المدير يمر عبر الثناء المتواصل على عبقريته المطلقة.

النتائج السلبية: المسرحية انتهت، ولكن العمل الحقيقي بدأ يتعثر

  1. إضعاف الثقة: الموظفون الأكفاء يصبحون مثل “الجمهور الصامت” في مسرحية سخيفة، يشاهدون بألم كيف يتم تقدير التزلف بدلاً من الإنجازات.
  2. اغتيال الابتكار: عندما تُكافَأ المهارات التملقية على حساب الأفكار الإبداعية، يصبح شعار المؤسسة: “تحدث جيداً، ولا يهم ما تفعل”.
  3. تفكيك العلاقات المهنية: الموظفون “النزيهون” يصبحون غرباء في بيئة تجعل من التملق جواز مرور لكل شيء.

حلول مقترحة: هيا لنخرج من هذه الفوضى

  1. معايير تقييم شفافة: اتركوا الحيَل السحرية وراء الكواليس وقدموا معايير تقييم تعتمد على الأرقام والنتائج.
  2. قيادة استشارية: المدير ليس “إلهاً صغيراً”، بل قائد يحتاج إلى أن يكون مستعداً للاستماع بدلاً من الاستمتاع بالإطراء.
  3. ثقافة مهنية حقيقية: لنشجع على العمل الجماعي والإبداع، لا على تشكيل لوبيات المديح.

خاتمة ساخرة: التملق ليس استراتيجية طويلة الأمد

إذا استمرت المؤسسات في السماح للتملق بأن يكون “لغة العمل”، فلا غرابة أن نصبح جميعاً مجرد “كومبارس” في مسرحية عبثية اسمها “النجاح بالمجاملات”. لكن لحسن الحظ، يمكننا دائماً أن نعيد كتابة السيناريو، هذه المرة مع التركيز على الكفاءة، لا التزلف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى