التقاعد على حافة الإفلاس… والجهوية المتقدمة تنتظر القطار السريع!
دابا ماروك
في عرض أقرب إلى جلسة “كشف المستور” منه إلى تقرير سنوي، أطلّت زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، على البرلمان بجرعة زائدة من الحقائق المرة عن الاقتصاد الوطني. نعم، تلك الحقائق التي تعيدنا كل عام إلى نفس الحلقة المفرغة، حيث الإصلاحات الموعودة تقبع في غرفة الانتظار، والواقع يصر على تذكيرنا بأن “التقاعد” و”الجهوية المتقدمة” هما مجرد عناوين براقة لتحديات عتيقة.
صندوق التقاعد: حفرة لا قعر لها؟
الصندوق المغربي للتقاعد، الذي يبدو أنه يعيش آخر فصول درامته المالية، سجل عجزًا تقنيًا خطيرًا بلغ 9.8 مليار درهم بنهاية 2023. ولأننا نحب المواعيد المصيرية، فقد حذرت العدوي من أن الأرصدة الاحتياطية ستصل إلى “حافة الهاوية” بحلول عام 2028. بمعنى آخر، إذا استمرت الأمور على هذا المنوال، فإن المغاربة سيحتاجون إلى خطة تقاعد بديلة: ربما الاعتماد على “شجرة زيتون” في القرية؟
الجهوية المتقدمة: تقدم بلا “سرعة“!
أما عن ورش الجهوية المتقدمة، فيبدو أن الجهات المغربية تعيش قصة “ثراء غير مستغل”. فرغم ضخّ 57 مليار درهم خلال ست سنوات، فإن وتيرة تفويض الاختصاصات تتحرك بسرعة السلحفاة. قد يكون السبب هو أن البعض لم يحدد بعد مفهوم “الاختصاصات”، أو ربما ينتظرون جائحة إدارية جديدة لتسريع الأمور. النتيجة؟ فرص تنمية تهدر على مذبح البيروقراطية، وحكامة “جيدة” تكاد تصبح شعارًا فارغًا.
الحكومة: قيد الامتحان المستمر!
في ظل هذه الأرقام والإشارات الحمراء، وجدت الحكومة نفسها في موقف لا تُحسد عليه: بين مطرقة التحديات المالية وسندان التوقعات الشعبية. الإصلاحات تبدو أشبه بمارد صعب الإفلات من القمقم، والحكامة الجيدة تُذكّرنا بإعلانات التلفزيون: نسمع عنها كثيرًا لكن قلما نراها على أرض الواقع.
الخلاصة؟ يبدو أن الاقتصاد الوطني يُصر على مفاجأتنا كل عام بنفس المفاجآت القديمة، في سيناريو أشبه بمسرحية كوميدية حزينة، حيث يبقى الأمل معلقًا على إصلاحات قد تأتي… أو لا تأتي.