مجتمع

النقل السري بالمغرب: جدل حول التقنين والهيكلة في عهد عبد الصمد قيوح

دابا ماروك

أثار جواب كتابي صادر عن وزارة النقل واللوجيستيك، بقيادة الوزير عبد الصمد قيوح، بشأن تقنين النقل السري وتحويله إلى قطاع منظم، موجة انتقادات قوية وسط المهنيين والنقابيين في قطاع النقل الطرقي. الجواب الذي تم تقديمه بداية يناير الجاري، أثار نقاشًا واسعًا حول الإشكاليات المرتبطة بالنقل السري وآفاق تسويته بشكل قانوني.

التقنين: خطوة مثيرة للجدل

أكدت الوزارة في جوابها الكتابي أنها، عبر لجنة النقل، منفتحة على البت في منح رخص النقل المزدوج بناءً على توصيات اللجان الإقليمية، بهدف تلبية حاجيات المواطنين من التنقل. كما دعت أصحاب سيارات النقل السري إلى تقديم ملفات طلب للحصول على رخص استغلال خدمات النقل المزدوج في المناطق التي يزاولون بها نشاطهم.

هذا التوجه لقي رفضًا واسعًا من نقابيين مهنيين اعتبروا أن تقنين النقل السري سيؤدي إلى منافسة غير متكافئة، ويفتح المجال أمام ممارسات قد تُضعف القطاع المهيكل وتؤثر سلبًا على مصالح المهنيين.

مسؤولية السلطات الترابية: بين الدعم والمحاسبة

الوزارة، في الوثيقة نفسها، ألقت بمسؤولية مكافحة النقل السري والمزدوج على عاتق السلطات الترابية، ودعت الولاة والعمال إلى:

  • دراسة دقيقة لمسارات الرخص المقترحة لضمان استجابتها للحاجيات السوسيواقتصادية، خاصة في العالم القروي.
  • الرفع من وتيرة اجتماعات اللجان الإقليمية لدراسة طلبات الترخيص.
  • توسيع دائرة المشاركة في اللجان الإقليمية لتشمل ممثلي جميع أنماط النقل العمومي، بما في ذلك النقل المزدوج.

التنسيق مع وزارة الداخلية والجهات

في إطار تنزيل مشروع الجهوية، أشارت وزارة النقل إلى استمرار التنسيق مع وزارة الداخلية لمواكبة المجالس الجهوية وتمكينها من ممارسة اختصاصاتها الذاتية في مجال النقل. كما أكدت التزامها بمعالجة قضايا النقل بشكل يراعي الخصوصيات الجهوية والمحلية، مع ضمان سلامة المواطنين واحترام القوانين الجاري بها العمل.

بين الحاجة للتقنين ورفض المهنيين

يمثل النقل السري معضلة حقيقية في قطاع النقل بالمغرب، حيث يملأ فراغًا في المناطق التي تعاني من ضعف وسائل النقل المهيكل، خاصة في القرى والمناطق النائية. غير أن محاولات إدماجه ضمن القطاع المنظم تواجه تحديات كبيرة، على رأسها:

  • رفض المهنيين: يعتبر المهنيون أن تقنين النقل السري قد يؤدي إلى إغراق السوق وتعريض القطاع المنظم لمزيد من الهشاشة.
  • ضبابية في التنفيذ: تساءل النقابيون عن مدى قدرة السلطات الترابية على ضمان احترام القوانين المنظمة، في ظل الإشكاليات المرتبطة بالمراقبة والتطبيق.

نحو رؤية متوازنة

الجدل القائم حول تقنين النقل السري يكشف عن الحاجة إلى رؤية متوازنة تراعي جميع الأطراف المعنية. فمن جهة، يتعين على الدولة توفير حلول نقلية تضمن تنقل المواطنين، خاصة في المناطق القروية، ومن جهة أخرى، يجب حماية مصالح المهنيين في القطاع المهيكل، الذين يعانون من التنافسية غير العادلة للنقل السري.

ختامًا، يبقى نجاح أي خطوة نحو تقنين النقل السري رهينًا بحوار جاد بين مختلف الأطراف، مع ضرورة وضع آليات قانونية وتنظيمية واضحة تحمي مصالح الجميع وتضمن تلبية الحاجيات المتزايدة للتنقل في المغرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى