مجتمع

تحولات مهنة المفوضين القضائيين بالمغرب: بين الإصلاحات الجديدة والقانون 46.21

دابا ماروك

في إطار الجهود المبذولة لتحديث المنظومة القضائية بالمغرب، عرفت مهنة المفوضين القضائيين مجموعة من الإصلاحات التشريعية، أبرزها صدور القانون رقم 46.21 الذي جاء لتعزيز تنظيم هذه المهنة وضمان مواكبتها للتحولات الاقتصادية والاجتماعية والرقمية. هذا القانون يمثل نقلة نوعية في مسار إصلاح مهنة تُعدّ من الركائز الأساسية لتحقيق العدالة وضمان تنفيذ الأحكام القضائية.

أبرز مستجدات القانون 46.21

  1. توسيع الاختصاص الترابي
    بموجب القانون الجديد، أصبح للمفوضين القضائيين صلاحية العمل على مستوى محاكم الاستئناف، بعدما كان اختصاصهم مقتصرًا على المحاكم الابتدائية فقط. هذا التوسع يهدف إلى معالجة التناقضات بين الخريطة القضائية والتقسيم الإداري، مما يعزز من قدرة المفوضين على تغطية نطاق جغرافي أوسع.
  2. تحسين التكوين والتأهيل
    تم تمديد مدة التكوين من ستة أشهر إلى سنة كاملة، مع إلزامية اجتياز دورات تكوينية مستمرة لضمان تحديث المعارف والمهارات. كما تم الإعلان عن إنشاء معهد متخصص للمهن القانونية والقضائية ليصبح المرجع الأساسي في تكوين المفوضين القضائيين.
  3. إدارة المبالغ المحصلة
    لتعزيز الشفافية، نص القانون على إلزام المفوضين القضائيين بإيداع المبالغ المحصلة في صندوق الإيداع والتدبير في غضون 24 ساعة. هذا الإجراء يهدف إلى حماية أموال الأطراف وضمان أمان المعاملات.
  4. تنظيم بدائل الغياب
    لمعالجة مسألة انقطاع المفوضين عن عملهم لأي سبب مبرر، نص القانون على وضع آلية لتعيين مفوض بديل، مما يضمن استمرارية تقديم الخدمة العامة دون تعطيل.
  5. توسيع المهام
    تم توسيع نطاق عمل المفوضين ليشمل مهامًا جديدة مثل تحصيل الديون في إطار التسويات الودية، الإشراف على المزادات العلنية، إعداد محاضر الجمعيات العامة، وتنفيذ عمليات إفراغ العقارات وبيعها.

الرقمنة: قفزة نحو المستقبل     

في ظل التحول الرقمي الذي يشهده المغرب، كان لا بد من إدماج التكنولوجيا في عمل المفوضين القضائيين. الرقمنة تشمل تسجيل الملفات إلكترونيًا، أرشفة الوثائق، والتواصل مع المحاكم والأطراف المعنية. هذا التطور يسهم في:

  • تقليص آجال التبليغ والتنفيذ.
  • تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
  • تعزيز الشفافية في جميع الإجراءات.

الإشكاليات العالقة

رغم هذه الإصلاحات، لا تزال المهنة تواجه مجموعة من التحديات، أبرزها:

  • ضعف التكوين المستمر: الحاجة إلى تعزيز الموارد البشرية بما يواكب تطورات المهنة.
  • التفاوت الجغرافي: توزيع غير عادل للمهام بين المناطق الحضرية والقروية.
  • الإطار التأديبي: ضرورة توضيح آليات العقوبات التأديبية لتحقيق التوازن بين حقوق المفوض وواجباته.

نحو مستقبل أفضل للمهنة

القانون 46.21 يشكل خطوة جادة نحو مأسسة مهنة المفوضين القضائيين، لكنه يظل مرهونًا بمدى تفعيل نصوصه على أرض الواقع. إشراك المهنيين في صياغة القرارات المستقبلية، ودعمهم بوسائل تقنية وتكوينية ملائمة، سيعزز من دورهم في تحقيق العدالة وضمان حقوق المتقاضين.

ختامًا، يبقى الهدف الأساسي لهذه الإصلاحات هو تقديم خدمات قضائية ذات جودة عالية، وتحقيق مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون، في إطار منظومة قضائية حديثة ومتطورة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى