مجتمع

العدالة والتنمية” و”المعارضة” يتكتلان ضد “مشروع القانون 03.23”: تحليل للفوارق السياسية والحقوقية

دابا ماروك

فجأة، ودون سابق إنذار، قررت أحزاب المعارضة البرلمانية أن تفتح باب “الديمقراطية” وتبتسم في وجه “مشروع القانون 03.23” المتعلق بتغيير وتتميم القانون 22.01 الخاص بالمسطرة الجنائية. نعم، تلك الأحزاب التي لطالما كانت تشكو من سوء تعامل الحكومة مع القوانين، تجد نفسها اليوم تساند إحالة هذا المشروع على المؤسسات الدستورية! أليس ذلك غريبًا؟ لا، في عالم السياسة المغربية، كل شيء ممكن.

القصة تبدأ من حيث قررت أحزاب المعارضة أن هذه الخطوة ليست مجرد إجراء “تقني” ولكنها في الواقع أداة لتجويد المشروع، وتحقيق التوازن الدستوري بين الأغلبية والمعارضة. وبالتالي، يتم اقتراح أنه ينبغي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي إبداء آرائهم حول النصوص القانونية! هكذا، ربما، سنصل إلى صياغة تضمن حقوق الجميع… حتى أولئك الذين لا يعرفون شيئًا عن القانون!

اللافت للنظر هنا هو أن أحزاب المعارضة تجد في المشروع “فرصة تاريخية” لاستثمار آراء المؤسسات الدستورية وتوظيفها لصالحهم في التعامل مع النصوص القانونية. فلا داعي للقلق على الإطلاق، لأن الأمور دستورية “100%”، ولن تتعارض مع أي مقتضى من النظام الداخلي. في الواقع، ما فعلوه سابقًا بشأن مشروع قانون رقم 97.15 المتعلق بالحق في الإضراب هو ذات المسطرة، فقط مع قليل من “اللمسات السياسية” التي تجعل كل شيء يبدو رائعًا!

ولكن، ماذا عن ردود فعل المؤسسات الدستورية المعنية؟ دعنا نتخيل المشهد في قاعاتهم:

  • المجلس الوطني لحقوق الإنسان:
    “أوه، مشروع قانون يتعلق بالمسطرة الجنائية؟ بالطبع، نحن هنا لتقديم رأينا… لكن أولاً، دعونا نتأكد من أن كل شيء يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وأننا لا نتجاوز الحدود المرسومة للمواطنين البسطاء. انتظروا، سنرسل لكم تقريرًا موسعًا بعد أسبوعين… فقط لكي نكون متأكدين من أن الحكومة لم تضع أي استثناءات قد تتعارض مع مبادئنا العليا.”
  • المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي:
    “أها، مسطرة جنائية… لكن هل تم أخذ تأثير هذا المشروع على الفئات الاجتماعية المختلفة في الاعتبار؟ هل سيكون له تأثير على الفقراء الذين لا يملكون حق الاستشارة القانونية؟! بالتأكيد، نحن نحتاج إلى دراسة شاملة حول هذا الموضوع، وقد نحتاج إلى عقد جلسات استماع مع مختلف الأطراف… ولكن يمكننا أيضًا استخدام هذه الفرصة للحديث عن بعض القضايا الاجتماعية الأخرى التي لم نتمكن من التطرق لها في السابق!”
  • المجلس الدستوري:
    “البرلمان يطلب منا التدخل في مشروع قانون؟ بالطبع، يمكننا إبداء رأينا. لكن من فضلكم، دعونا لا نضيع وقتنا في التعديلات التفصيلية. إذا كان هناك أي تعارض دستوري، يمكننا البت فيه في الوقت المناسب… ولكن في الوقت الحالي، دعونا نركز على بعض القضايا التي تتعلق بحماية المؤسسات من التدخل السياسي. سيتعين علينا إصدار قرار يحدد ما إذا كانت جميع الآراء تتماشى مع أحكام الدستور… لكن، لا داعي للقلق، كل شيء سيتم “تنسيقه” في الوقت المناسب.”

وبالطبع، بعد سلسلة من الاجتماعات، والتصريحات العامة، وتبادل الرسائل بين الأحزاب والمؤسسات الدستورية، سينتهي الأمر بتعديل بسيط على المشروع، بحيث يبدو أن الجميع قد حصل على “الحق” في إبداء الرأي، بينما في الواقع، تم تمرير النص بشكل سريع ودون الكثير من التغييرات الجوهرية. فنحن نعلم جميعًا كيف يعمل “التيار الديمقراطي” في المغرب: الكثير من الجعجعة ولا شيء جديد تحت الشمس!

في النهاية، قد لا تكون هناك تغييرات كبيرة، لكن يمكننا دائمًا الإبقاء على الجدل قائمًا حول مدى ديمقراطية المسطرة القانونية في البلاد!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى