أصيلة: بين سحر السياحة الموسمية وواقع الفقر والتهميش الاقتصادي
أصيلة: المراسل
أصيلة، واحدة من المدن المغربية التاريخية التي تتمتع بجاذبية سياحية لافتة، لكنها تعيش واقعًا معقدًا يتطلب اهتمامًا خاصًا بالنهوض بها على مستويات متعددة. رغم كونها مدينة ساحلية ذات تاريخ طويل، ولا سيما في مجال الفن والثقافة، فإن سكانها يعانون بشكل مستمر من قلة الفرص الاقتصادية وصعوبة العيش في ظل غياب مشاريع تنموية مستدامة على مدار العام.
مدينة أصيلة: السياحة الموسمية والمعاناة المستمرة
تستقطب مدينة أصيلة آلاف الزوار كل صيف بفضل مهرجانها الثقافي السنوي، الذي يعتبر واحدًا من أكبر التظاهرات الفنية والثقافية في المغرب. إلا أن هذا المهرجان، الذي يركز على الفنون التشكيلية والموسيقى والمسرح، يبقى حدثًا موسميًا لا يساهم بشكل كاف في تحسين الوضع الاقتصادي للسكان المحليين. فالسياحة في المدينة تقتصر على فترة الصيف، وبمجرد انتهاء المهرجان يعود النشاط الاقتصادي إلى مستويات منخفضة جدًا، ما يزيد من حدة معاناة السكان.
خلال باقي فصول السنة، يعاني العديد من المواطنين من صعوبة في تأمين مصدر دخل ثابت. قلة الوظائف الدائمة وغياب الصناعات الأساسية في المدينة يدفعان العديد من السكان إلى الهجرة إما إلى المدن المغربية الكبرى مثل الدار البيضاء أو طنجة، أو حتى إلى الخارج، بحثًا عن فرص عمل أفضل. هذه الظاهرة تؤثر سلبًا على الاستقرار الاجتماعي، وتجعل من أصيلة مدينة تعتمد على موسم سياحي واحد قد لا يكفي لضمان الرفاهية لسكانها طوال السنة.
دور التنمية الاقتصادية والصناعية
رغم موقعها الاستراتيجي، على البحر وعلى مقربة من مدن صناعية وتجارية كبرى، لا تزال أصيلة تفتقر إلى بنية تحتية صناعية حقيقية. لم يسهم المجلس الجماعي، بقيادة محمد بنعيسى الذي شغل منصب وزير وسفير سابق، في دفع عجلة التنمية الاقتصادية للمدينة بشكل مستدام من خلال خلق مناصب شغل. كانت الفرصة سانحة منذ سنين لإنشاء منطقة صناعية حقيقية، حيث عرفت المدينة خلال السنة الفارطة ميلاد منطقة للأنشطة الاقتصادية المندمجة بتراب المدينة، لكنها لم تحقق آمال الساكنة بشكل ملموس.
الخلاصة
رغم سحرها التاريخي والجمالي، فإن أصيلة لا تزال تعاني من تبعات النمو غير المتوازن بين السياحة والاقتصاد المحلي. لذا، فإن إحداث تحول حقيقي يتطلب رؤية استراتيجية تتجاوز المهرجان الصيفي، وتعتمد على تطوير بنية تحتية صناعية قوية وخلق بيئة جاذبة للاستثمارات التي من شأنها توفير فرص عمل مستدامة لشباب المدينة.