مجتمع

نحو استثمار أكثر فاعلية للموارد البشرية في التعليم العمومي المغربي: خيار الساعات الإضافية كحل لتعزيز جودة التعليم

دابا ماروك

استهلال

إن التعليم يُعتبر الركيزة الأساسية لتنمية المجتمعات وبناء مستقبل الأجيال. ومع ذلك، فإن التحديات التي تواجه نظام التعليم العمومي في المغرب تعرقل هذه المسيرة؛ فقد أصبحت جودة التعليم في القطاع العمومي متراجعة، خاصةً في ما يخص مساعدة التلاميذ ذوي الأداء الضعيف، الذين يعانون من صعوبات تعليمية قد تؤدي إلى التسرب الدراسي. في هذا السياق، يُطرح السؤال عن أهمية إصلاح النظام التعليمي ليشمل آليات فعالة، مثل نظام الساعات الإضافية المدفوعة للأستاذة، لتعزيز المستوى التعليمي للتلاميذ داخل مؤسساتهم العمومية.

أهمية الإصلاح الشامل للتعليم العمومي

1. سد الفجوات التعليمية وتقليل الفوارق بين العمومي والخصوصي

تعتمد العديد من العائلات على التعليم الخصوصي لضمان جودة تعليم أفضل لأبنائها، ما يزيد من الفجوة بين التعليم العمومي والخصوصي. بتوفير الساعات الإضافية داخل المدارس العمومية، يمكننا سد هذه الفجوة عبر تقديم دعم حقيقي ومستمر للتلاميذ الذين يحتاجون إلى متابعة خاصة، دون اللجوء للخصوصي.

2. إدماج أساتذة التعليم العمومي في تطوير المؤسسة التربوية

يُشكل الأساتذة جزءًا محوريًا في العملية التعليمية، وإذا تم تحفيزهم وتقدير جهودهم بشكل مناسب، قد يساهمون في تطوير مستويات التلاميذ الضعاف. من خلال توفير أتعاب مالية إضافية عن ساعات العمل خارج الجدول الدراسي الرسمي، قد يشعر الأساتذة بالتحفيز للعمل بجدية أكبر، وبالتالي قد يزيد تفاعلهم الإيجابي في المدارس العمومية.

3. دور الساعات الإضافية في تقليل ظاهرة الدروس الخصوصية غير الرسمية

يعاني النظام التعليمي في المغرب من انتشار الدروس الخصوصية غير الرسمية خارج المدرسة، مما يثقل كاهل الأسر بتكاليف إضافية. بتوفير هذه الدروس داخل المدارس العمومية نفسها، تحت إشراف وتخطيط رسمي، يمكن الحد من الدروس الخاصة غير المنظمة، وتوفير دعم أكاديمي فعال للتلاميذ ضمن بيئة تعليمية آمنة.

إصلاح التعليم: بناء استراتيجيات متعددة الأبعاد

يمكن للساعات الإضافية أن تكون جزءًا من إستراتيجية إصلاح شاملة تتضمن مجموعة من المحاور الضرورية لتطوير نظام التعليم العمومي، منها:

  1. تطوير البنية التحتية للمدارس
    لنجاح هذا المشروع، يجب أن تتمتع المدارس العمومية ببنية تحتية مناسبة لاستقبال التلاميذ لساعات إضافية، مع التركيز على صيانة المرافق وتحديث الأدوات التعليمية.
  2. تكوين الأساتذة وتطوير مهاراتهم
    لضمان تحقيق نتائج إيجابية، يجب أن يتلقى الأساتذة تكوينات مستمرة حول كيفية التعامل مع التلاميذ الضعاف واستخدام أساليب تعليمية حديثة وفعالة تساعد في تحسين مهاراتهم الأكاديمية.
  3. تعزيز الرقابة وتقييم الأداء
    لضمان استدامة النظام وجودته، يجب اعتماد نظام رقابي فعال لتقييم أداء الساعات الإضافية بشكل دوري، مع الاستعانة بآليات تغذية راجعة من قبل التلاميذ وأولياء الأمور لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.
  4. تمويل مستدام للمشروع
    يمكن أن تعتمد الوزارة على استراتيجيات تمويل مستدامة عبر الشراكة مع المجتمع المدني، وتخصيص جزء من الميزانية لدعم هذه البرامج، وكذلك تشجيع القطاع الخاص على تقديم دعم مادي، باعتبار التعليم العمومي مسؤولية مشتركة.

تعزيز قيم المواطنة والمسؤولية لدى التلاميذ

يمكن أن تسهم الساعات الإضافية في تعزيز قيم الانتماء والتعاون لدى التلاميذ؛ فوجودهم داخل المدارس لفترات أطول وتلقيهم دعمًا خاصًا قد يعزز من ثقتهم بالنظام التعليمي المغربي ويشجعهم على تطوير مهاراتهم الأكاديمية والمهنية على المدى البعيد.

خاتمة

الإصلاح التعليمي في المغرب يتطلب رؤية شاملة تراعي جوانب متعددة من تطوير البنية التحتية والبرامج التكوينية للأساتذة إلى نظام دعم متكامل للتلاميذ داخل مؤسساتهم التعليمية. إن تبني فكرة الساعات الإضافية داخل المدارس العمومية ليس حلاً نهائيًا، لكنه خطوة في مسار الإصلاحات الضرورية لجعل التعليم العمومي قويًا ومستدامًا، مما يخدم المجتمع بشكل أوسع ويعزز من تكافؤ الفرص التعليمية لجميع أبناء الشعب المغربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى