سطات: هل أصبحت السياسة “بزنسًا للبشر” في ثوبها الجديد؟
دابا ماروك
مدينة سطات، تلك المدينة التي يبدو أن حظها عالق بين عجلات البيروقراطية وسراب الديمقراطية، تجد نفسها اليوم في وسط دراما سياسية من العيار الثقيل. آخر ما وصل إلى أسماعنا، هو أن رئاسة النيابة العامة أحالت شكاية “ذات نكهة سينمائية” على المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية.
الشكاية، والتي تفضل في محتواها أن تجعلنا نصدق أن “الإتجار بالبشر” انتقل من سيناريوهات الأفلام إلى قاعات الجماعة، تتهم رئيسة جماعة سطات، ومن معها بارتكاب ما يُعتبر أساليب “البزنس السياسي.” فاعل جمعوي بالمدينة، هو بطل هذا الفيلم الذي لم يبدأ تصويره إلا بداية هذا الشهر، والذي تتخلله مشاهد مليئة بالغموض والتشويق، ابتداءً من “ابتزاز الأصوات” وصولاً إلى الشيكات كأدوات للتهديد.
وللإثارة مزيد، يتفضل عضو بالمجلس ، مُدجج بشهادة حزبية ساخنة، ليؤكد وقوع “جرائم الإتجار بالبشر”، على حد قوله، في مشهد انتخاب الرئيسة الجديدة بتاريخ 25 أكتوبر 2024. العضو المعني يكشف عن تفاصيل تبدو مأخوذة من كتابات القرون الوسطى: “أساليب القسر والضبط والإخضاع، في محاولة لإسقاط النظام الجماعي” – وكأننا في رواية عن الاستبداد، حيث الإنسانية تهتز وكرامة المنتخبين تهوي في قاع البيروقراطية.
وتأتي شكاية الفاعل الجمعوي لتتوج هذا العرض بأن تتحدث عن مشهد “سلب الإرادة”، و”استعباد سياسي”، وأسلوب الضغوط باستخدام “شيكات الضمانة”. وهكذا، تظهر النخاسة في ثوبها السياسي الجديد، حيث “شبهات الإتجار بالبشر” تتجلى عبر محضر الإقرار الرسمي، ليثبت لنا أن السياسة في هذه البقعة تحمل وجهًا قديمًا بنكهة عصرية.
ومع تصاعد هذه الشكاية، لم يتردد الداكي، رئيس النيابة العامة، في فتح الأبواب لتفعيل المقتضيات القانونية، من أجل استدعاء قادة الأغلبية الجماعية ومساءلتهم حول “جريمة ضد الإنسانية” محتملة في أروقة جماعة سطات. وما علينا إلا الانتظار، لنرى إلى أين سيصل هذا المشهد السياسي المثير، فالأيام القادمة قد تحمل لنا تسريبات جديدة من هذه السلسلة الجماعية التي تجاوزت حدود الواقع!
وفي انتظار حسم القضاء، تبقى الكلمة الفصل له وحده في إصدار الحكم العادل والفاصل، سواء بتأكيد التهم الموجهة أو بتبرئة الأطراف المتابعة. إن العدالة هي السياج الواقي الذي يُعتمد عليه لتمييز الحقائق من الادعاءات، وسيظل القضاء هو الحكم النهائي بين جميع الأطراف، حفاظاً على الحقوق وصوناً لمبادئ الشفافية والنزاهة.