مجتمع

في مواجهة طلبة كليات الطب والصيدلة: حين ظل وزير التعليم العالي يُخرج عينيه

دابا ماروك

في عالم السياسة المغربية، يبدو أن هناك مشهدًا من مسرحية هزلية تتجسد في الأحداث التي شهدها قطاع التعليم العالي مؤخرًا. فالوزير السابق للتعليم العالي الذي خرج عينيه (على اعتبار أنه فقدها بسبب الأزمات المتكررة) لم يكن مجرد ضحية للضغوط السياسية، بل كان يمثل دور الكوميدي في قصة طويلة من الإخفاقات، وهو ما جعلنا نتساءل الأمس: لماذا يعفي من منصبه، ولماذا يختار من يتنازل عن العرش في وزارته بهذه السرعة؟

فبينما كان يتحدث عن استراتيجيات التعليم، كانت عينيه تدور في محاور مثل دواليب المطبخ، وكأنه يسعى للوصول إلى وصفة سحرية لتهذيب طلبة كليات الطب والصيدلة. لكن الحقيقة أن تلك الوصفة لم تكن موجودة، إذ إن الطلبة لم يكونوا بحاجة إلى طعام أو شراب، بل كانوا بحاجة إلى حقوقهم في تعليم يليق بمستقبلهم، وهو ما كان يسبب له الكوابيس.

ثم جاءت اللحظة الحاسمة؛ إذ تم إعفاءه رفقة وزير الصحة، وكأنهما كانا يجلسان على كرسي موسيقي محاط بالضغوطات. ما الذي حدث؟ لقد فشلا في تركيع الطلبة، أولئك الذين خرجوا للشوارع مطالبين بحقوقهم في تعليم لائق وظروف معيشية أفضل. عجبًا! كيف يمكن لوزراء بقدراتهم “الفائقة” أن يُهزموا أمام مجموعة من الطلبة الذين لا يحملون سوى طموحهم وأحلامهم؟

فبدلاً من التفاوض على حلول، اختار الوزيران الخروج إلى الشارع بصوت عالٍ، في مسعى لخلق حوار مع الطلبة. لكن الحوار لم يكن سوى مسرحية مكررة، حيث أخذ الطلبة دور البطولة، بينما أدى الوزراء أدوارهم الهزيلة، وكأنهم يتعاملون مع أطفال في حديقة.

وللأسف، لم يكن الأمر فقط يتلخص في إخفاقهما في تحقيق مطالب الطلبة، بل كان يتجاوز ذلك إلى سياسة القمع، التي أظهرت وجه الحكومة القاسي. فالطلبة، الذين يتطلعون إلى مستقبلهم، وُوجهوا بمقاربة قمعية، كما لو كانوا أعداءً للسياسة التعليمية في المغرب.

في سياق الأمور، يبقى مستقبل التعليم العالي في المغرب محاطًا بالضباب، في انتظار قادة جدد قد نستوردهم من جزر الواق واق يتمتعون بالشجاعة والرؤية لتجاوز التحديات الحالية. ولعلنا نتساءل في ختام هذه المسرحية: هل ستعود العيون إلى مكانها بعد هذه الكوميديا السياسية، أم أن السخرية ستبقى هي العنوان الرئيسي لمشاهدتنا القادمة؟

إن ما يحدث هو دعوة للجميع للاستيقاظ من غفوتهم، والاعتراف بأن التعليم هو استثمار في المستقبل. وإذا استمر تجاهل حقوق الطلبة، فلن يكون مستقبل التعليم في المغرب إلا مسرحًا للهزليات السياسية التي لا تنتهي.

وفي النهاية، لم يكن مفاجئًا أن يتم إعفاءه -رفقة زميله- من منصبه وكأن الحكومة قررت أنه قد استنفد كل إمكانياته في إقناع الطلبة. فقد فشل في ترويضهم، وها هو الآن خارج اللعبة. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستكون الحكومة المقبلة قادرة على التعامل مع الأزمات المتزايدة، أم أننا سنستمر في رؤية الوزراء يخرجون عيونهم في كل مرة يُذكر فيها الطلبة؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى