كلنا أنانيون
محمد صابر
مدير ومؤسس الموقع
الشفافية، الديمقراطية، حقوق الإنسان، نزاهة القضاء واستقلاليته، ترشيد النفقات، المفهوم الجديد للسلطة الذي أصبح على وشك التقادم، محاربة الرشوة، نزاهة الانتخابات، مواجهة الفساد الإداري، وسيطول بنا المقام لو استمرينا في ذكر مثل هذه المبادئ والشعارات، لأن قاموسنا السياسي –ولله الحمد والمنة- يتسع لكل ذلك. وفي كل يوم، نسعى إلى ابتداع شعار جميل براق، بما يوحي بأننا تحولنا بقدرة قادر إلى ملائكة الله على أرض أصبحت جنة للخلد، ومما يوحي أيضا بصفاء سريرتنا وحرصنا الكبير على الصلاح والفلاح.
لكن وعينا الشقي يجعلنا حسب التجربة والاحتكاك نتأكد من كون مثل هذه الشعارات تسبح في واد.. وأن الواقع الذي لا يمكن إخفاء ترديه بالغربال يسبح بدوره في وادي آخر.
فالشفافية كلمة أصبحت متداولة على كل لسان، فيما التعتيم هو الحاصل، إذ لا يكفي صندوق من زجاج أن يضمن شفافية يطبقها أناس قدت قلوبهم من جديد.
والديمقراطية أصبحت أشبه بلعبة كراكيز. تمر الشخوص والألوان والحكايات، ويبقى واقع البيع والشراء في ذمم عباد الله وحتى تدخل الشيوخ والمقدمين الحاصلين على العديد من الشواهد التي تثبت حسن طاعتهم ووفائهم للتعليمات التي قد تقتصر على المصالح الإقليمية.
أما حقوق الإنسان، فهي حتما موجودة، لكنها لا تثار بحدة، إلا حين يتعلق الأمر بسمعة المغرب بالخارج، أما في الداخل، فذلك شيء معروف.
واستقلالية القضاء شعار رفعناه منذ بداية عهد الاستقلال، لكن مازال حتى الآن رهين تدخلات وهواتف وخليني نخليك، عن طريق جرجرة الملفات الحساسة، حتى إذا سقطنا في فخ القانون، أكثرنا الهرج والمرج والبحث عن وسائل للهروب إلى الأمام.
ومع ذلك، فإننا نستثني الشرفاء الذين يحرمون على أنفسهم الظلم، ولو كانت بهم خصاصة.
أما عن ترشيد النفقات، فاسألوا رؤساء الجماعات ومديري الصناديق والمؤسسات وازدهار موضة لجن تدقيق الحسابات، يخبروكم الخبر اليقين.
أما الرشوة والفساد الإداري، فقد نحتاج إلى أكثر من مبيد وأنصع من صابون تازة لاجتثاثهما.
ولابأس في مجال تكافؤ الفرص أن نبحث عن تشغيل أقاربنا وصديقاتنا وأبناء عمومتنا، والأقربون طبعا أولى.
إذن، فالأنانية هي السائدة، والفساد عم البر والبحر والجبل، ولم تعد كل تلك الشعارات تنطلي على أحد.
أما الحديث عن علاقاتنا الإنسانية داخل المجتمع، فقد أصبحت منذ وقت طويل مبنية على النفاق المتبادل، اللهم إذا استثنينا علاقات الحكماء من أبناء هذا الشعب، والحديث قد يطول.