الافتتاحية

الكتابة بين الغربة وسخونة الرأس     

محمد صابر

[email protected]

في عالم تسوده السطحية، حيث قد تُعتبر حرية التعبير مجرد جريمة في نظر البعض، نجد أنفسنا مدفوعين لإثارة المواضيع المسكوت عنها. نحن نُصادف أحيانًا ردود فعل سلبية تجاه محاولاتنا للتحسيس بقضايا تؤثر على حياتنا اليومية، مما يجعل من الكتابة عملاً شاقًا ومرهقًا. لكن في كل مرة نواجه فيها هذا التحدي، نتذكر أن الكلمة هي أداة قوية يمكن أن تساهم في إحداث التغيير. نُدرك أننا متهمون بسخونة الرأس، وأن صراخنا من أعماق المعاناة ليس مجرد صيحة، بل هو دعوة للوعي والعدالة، حتى لو كلفنا ذلك غالياً. فبفضل التزامنا بمبادئنا، نحن نسعى لتحقيق مستقبل أفضل، حيث تُعتبر الكلمات حرة ومشروعة، وليست جريمة.

في أحيان كثيرة، نشعر بالغربة وكأننا نصنف ضمن المغضوب عليهم، رغم تحملنا عبء الكتابة عن قضايا حساسة بعيدًا عن أي اعتبارات مادية. ومع ذلك، نحن نؤمن بأهمية رسالتنا ونعتبرها جديرة بالنشر. وبينما يحقق البعض نجاحاتهم من خلال محتوى سطحي، نتساءل: هل نحن مجرد حالمين، أم أن ما نسعى إليه أعمق ويبرر جهودنا المستمرة؟

نجد ذاتنا في هذه الكتابة التي قد تغضب البعض، لكنها تُعبر عن قضايا تهم فئة عريضة من المتتبعين. صحيح أن كلماتنا تُثير حساسيات لدى كبار القوم، الذين غالبًا ما لا يتقبلون كلمة الحق، لكننا نؤمن بأهمية ما نقدمه. هناك من متابعينا من قد لا تعجبه طريقة معالجة القضايا التي نتناولها، لكننا نعرف أن موقعنا يتحدث عن نفسه ويعبر عن صوت أولئك الذين لا يجدون منصة لنقل أفكارهم وهمومهم.

ومع ذلك، نواجه أحيانًا تحديات، خاصة في ظل الضغوط المالية، ولكننا نرفض الاستسلام. نحن مستمرون في نشر محتوى نبيل، يعكس هويتنا ورؤيتنا. ندرك تمامًا أن الكتابة تتطلب شجاعة، وأن الحفاظ على نزاهتنا هو من أهم القيم التي نعتز بها. وعندما نشعر بالإرهاق، نعود دومًا إلى جوهر رسالتنا، ونتذكر أننا نملك القدرة على إحداث فرق حقيقي في المجتمع.

عندما نتحدث عن أنفسنا في موقعكم هذا، نعيش تجربة تحمل في طياتها شعورًا خاصًا بالراحة، حيث تصبح كلماتنا تعبيرًا عن هويتنا ووجودنا، ونشعر أننا نساهم في خلق مساحة تُعبر عن قضايا تعكس أصواتنا وآمالنا.

صحيح أننا لا ننشر فيديوهات، وقد نتردد في تصويرها حتى لو كانت من باب تعزيز المحتوى، ولكننا نؤمن أن الجودة تأتي أولاً وقبل كل شيء.. نحاول دائماً أن نتجرد من أي ضغوط، ونسعى للارتقاء بالمستوى الذي يتحدث عنه الموقع نفسه.

نحن نعلم أن الطريق ليس سهلًا، لكن لدينا إيمان عميق بأننا سنصل في نهاية المطاف. فنحن نكتب من أجل التغيير، من أجل فتح نقاشات حول القضايا المهمة، ومن أجل بناء مجتمع يدعم القيم الحقيقية.

في ختام حديثنا، نؤكد أن الكتابة ليست مجرد كلمات تُكتب على الورق أو على لوحة الكومبيوتر، بل هي فعل مقاومة وإرادة للتغيير. نحن نعيش بين الأمل والإحباط، بين الصمت وصوت الحق، ونعلم أن الطريق مبتوت بالعقبات، لكن العزيمة تظل راسخة في قلوبنا. فكل كلمة نخطها، وكل موضوع نثيره، هو بمثابة شعلة تنير دربنا نحو الوعي والعدالة.

دعونا نتذكر دائمًا أن كل صوت يحمل قيمة، وأن كل جهد يُبذل يساهم في تشكيل مستقبل أفضل. إننا لا نكتب من أجل أنفسنا، بل من أجل كل من عانى ويعاني في صمت، ومن أجل أولئك الذين يسعون إلى التغيير في هذا العالم. فلنجعل من كل صرخة، وكل معاناة، دعوة للتفكير والعمل، ولنسعى معًا لبناء مجتمع يحترم حرية التعبير ويدعم القضايا الحقيقية.

شكرًا لكل من يرافقنا في هذه الرحلة، ولتفهمكم لوضعيتنا، ونعدكم بأننا سنستمر في مسيرتنا، وسنبذل قصارى جهدنا لنكون صوتًا لمن لا صوت لهم.

فلنستمر في الكتابة، ولنستمر في الصمود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى