سياسةمجتمع

إلى ساسة ومسؤولي المغرب: درس في الوطنية

دابا ماروك

“لا أريد حقًا أن توضع صوري في مكاتبكم، فأنا لست إلهاً ولا رمزاً، بل أنا خادم للأمة. ضعوا بالأحرى صور أبنائكم، وانظروا إليها في كل مرة تأتيكم فيها فكرة الاختلاس؛ انظروا جيدًا إلى صورة أسركم واسألوا أنفسكم هل تستحق أن تكون أسرة سارق دمر الأمة.”

في هذا الخطاب، يظهر الرئيس السينغالي الجديد، باسيرو ديومي فاي، موقفًا مميزًا يبتعد عن النزعة نحو التمجيد الشخصي التي تتسم بها أحيانًا القيادات السياسية في بعض الدول. يطالب الرئيس المسؤولين وأصحاب السلطة بعدم رفع صوره كرمز في مكاتبهم، وهو ما يعكس تواضعًا وإصرارًا على تأكيد أن القيادة هي خدمة للأمة وليست تسلطًا أو احتكارًا لصور رمزية تفرض ولاءً غير مستحق. وفي تعبير بليغ عن الالتزام الأخلاقي، يطلب منهم أن ينظروا إلى صور عائلاتهم؛ الأطفال الذين يمثلون الأجيال المقبلة، ليذكّرهم بمسؤولياتهم الأخلاقية تجاه المستقبل.

تعليق وتوسع حول أهمية الخطاب

خطاب الرئيس فاي يوجه رسالة قوية وصادقة تتجاوز حدود السينغال؛ إنها دعوة موجهة لأي سياسي في منصب المسؤولية للنظر في مسؤولياته بعيدًا عن الامتيازات أو الألقاب. الرئيس يطرح مفهومًا مهمًا: الزعامة ليست تمجيدًا للأشخاص بل تكليفًا يحمِّل صاحبه مسؤولية أمام الله، الشعب، والتاريخ.

هذا الخطاب يمكن أن يُعتبر نداءً للتغيير نحو قيم النزاهة في كل مؤسسات الدولة، خاصة في دول مثل المغرب، حيث يواجه المواطنون تحديات متعلقة بالشفافية والمساءلة. كل مسؤول مغربي، أو في أي مكان، يجب أن يتذكر أن عائلته الصغيرة تمثل نموذجًا للوطن الكبير؛ إذا خانه، فقد خان أسرته وأفسد على أبنائه إرثهم الأصيل. لذا، فإن رمزية صور الأبناء ليست فقط رسالة شخصية، بل هي تذكير بأن الوطن يُبنى بالأمانة، وأن الفساد لا يُشوه صورة الشخص وحده بل يضر بأجيال كاملة.

ماذا يعني ذلك لساسة ومسؤولي المغرب؟

المغرب، كغيره من الدول، يمر بمرحلة حساسة تتطلب شفافية وحرصًا على مصلحة الوطن. ولعل استيعاب مثل هذا الخطاب يشكل فرصة لأصحاب القرار في المغرب لإعادة النظر في طرق ممارستهم للسلطة، وتحديد أولوياتهم بما يتماشى مع متطلبات الشعب. فالرسالة هي بسيطة ولكنها عميقة: على كل مسؤول أن يعيد تأمل دوره ويجعله خالصًا للمال العام، وأن يستوعب أن الشعب لا يريد صورًا وملصقات، بل أفعالاً وقرارات تقود للأفضل.

قد يكون هذا الخطاب بداية للتفكير في ضرورة تغيير ثقافة التملق وصناعة الرموز التي قد لا تعكس حقيقة العمل على الأرض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى