سياسة

سنوات الرصاص تعود: مغرب السخرية والقمع الاقتصادي!

محمد صابر

يبدو أن ما يقع في المغرب يعيدنا إلى ما هو أبعد من سنوات الرصاص، وكأن الزمن توقف وقررت بعض الأيادي الخفية أن تعيدنا إلى تلك الأيام العصيبة. هذه الأيادي، التي نعلم جميعًا أنها لا تهتم باستقرار المملكة، بدأت في الضغط على الطبقة الفقيرة وكأنها تعد العدو اللدود. في حين يعيش آخرون في بحبوحة اقتصاد الريع وكأنهم يرقصون على أنغام المال والسلطة، بينما نحن هنا نعيش يومياتنا وكأننا نؤدي دورًا في مسرحية هزلية.

كلنا صحراويون وكلنا مغاربة! لكن، لماذا هذا القمع الاقتصادي؟ أين هي العدالة التي نُشرت في الدستور؟ يبدو أن بعض المسؤولين يفضلون التعامل مع المواطنين كما لو أنهم تحت سلطة حاكم جائر، يوزع الهراوات بدل الحلول.

تخيلوا معنا: الأطباء، الذين من المفترض أن يكونوا أطباء الغد، يواجهون الهراوات في وجههم وكأنهم ارتكبوا جريمة خطيرة لمجرد أنهم طالبوا بحقوقهم. ورجال التعليم، الذين يقومون بتعليم الأجيال القادمة، يكتشفون أن حمايتهم من العواصف السياسية ليست أكثر من سراب.

وماذا عن منع الإضراب عن الطبقة الشغيلة؟ يبدو أن الشغل الشاغل للسلطة هو كتم أصوات المحتجين وكأنهم مجموعة من النشطاء الثوريين الذين ينادون بتغيير النظام! في حين أن مجرد المطالبة بحقوقهم الأساسية هو أمر يعد بمثابة خيانة عظمى.

احتجاجات المحامين: صوت ضد البدع التشريعية

تعيش الساحة القانونية في المغرب حالة من الغليان بعد التعديلات الأخيرة التي اعتبرها المحامون “بدعًا” لا تعكس إلا رغبة بعض الجهات في تقويض استقلالية مهنة المحاماة وتهميش حقوق المتقاضين. فقد خرج المحامون إلى الشوارع، حاملين لافتات مكتوب عليها “العدالة ليست سلعة” و”نحن صوت من لا صوت له”، في إشارة إلى ما يعتبرونه انزلاقًا خطيرًا نحو تقييد الحريات الأساسية.

لقد أثار مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد، الذي يتيح للنيابة العامة الطعن في القرارات بغض النظر عن الزمن، موجة من الاستياء. حيث اعتبر المحامون أن هذا التوجه يضرب في عمق استقرار النظام القضائي ويُهدد المصداقية القانونية للقرارات. وتحت شعار “لا للعبث بالقانون”، استمرت وتستمر الاحتجاجات لشل مختلف محاكم المملكة، في مشهد يعكس وحدة الصف المهني في مواجهة ما يعتبرونه اعتداءً صارخًا على حقوقهم وحقوق موكليهم.

تأتي هذه الاحتجاجات في وقت حساس، حيث يسعى المحامون إلى استعادة حقوقهم والدفاع عن مصالح المواطنين في ظل قوانين تعتقد الأغلبية أنها تساهم في تعميق الفجوة بين الطبقات الاجتماعية. إن مطالبهم ليست مجرد شعارات، بل تعبير عن ضمير مهني يرفض الظلم ويرغب في تعزيز العدالة في المجتمع.

هل سمعتم عن حكاية “التوافق”؟ يبدو أن المصطلح اختفى من قاموس بعض المسؤولين، وتحول إلى لعبة يتنافس فيها الأقوياء على تقزيم الفقراء. بينما يتم إغراق الطبقة المتوسطة في الديون من أجل إزاحتها من الطريق، يبدو أن هناك من يستمتع بمشاهدة المسرحية المأساوية في مشهد اقتصادي غير متوازن.

إلى أين نحن ذاهبون؟ هل نحن بحاجة إلى المزيد من الأزمات لنستفيق؟ هل سنبقى مكتوفي الأيدي بينما يُحكم علينا بالعيش في دوامة من القمع والضغط؟

فلنستمر في الضحك، فربما يكون هو السبيل الوحيد للبقاء على قيد الحياة في هذا المغرب المليء بالتناقضات. لنرفع أصواتنا ونطالب بحقوقنا، لأن كل صمت هو اعتراف بالاستسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى