زيارة الرئيس الفرنسي إلى المغرب: بين دعم الوحدة المغربية وأجندات المصالح الاقتصادية
دابا ماروك
تأتي زيارة الرئيس الفرنسي إلى المغرب في وقت تتسارع فيه الأحداث الإقليمية وتتعاظم التحديات على المستويات السياسية والاقتصادية، حيث تسعى فرنسا لتوطيد علاقتها مع المغرب، لا سيما في ضوء التغيرات الجيوسياسية وتزايد الاهتمام بالمصالح الاقتصادية في شمال إفريقيا.
المكسب المغربي والدعم للوحدة الترابية
في هذه الزيارة، يُتوقع أن يؤكد الرئيس الفرنسي على موقف بلاده الثابت من وحدة المغرب الترابية، مشيرًا إلى الأهمية الكبيرة التي توليها باريس لاستقرار المغرب وأمنه باعتباره حليفًا استراتيجيًا في المنطقة. يُعد ملف الصحراء المغربية أحد النقاط الأساسية في المحادثات السياسية بين البلدين، حيث تعتبر هذه الزيارة فرصة لتعزيز موقف المغرب في هذه القضية، والتأكيد على دعم السيادة المغربية في إطار شراكة مبنية على التفاهم والتعاون في مختلف المجالات. وبهذا، يحرص المغرب على جعل قضيته الوطنية ضمن أولويات أي حوار استراتيجي، سواء كان مع فرنسا أو غيرها من الدول.
ومن المتوقع أن يبرز خطاب الرئيس الفرنسي في البرلمان المغربي مدى التقارب بين الجانبين، حيث سيشدد على علاقة الصداقة والتاريخ المشترك بين البلدين، بالإضافة إلى تأكيده على استمرار الشراكة التي تخدم مصالح الطرفين وتضمن الاحترام المتبادل.
المصالح الاقتصادية الفرنسية: شراكة أم مصالح تجارية؟
على الجانب الآخر، فإن فرنسا، وبالرغم من تصريحاتها السياسية الداعمة، تأتي أيضًا بهدف تحقيق مكاسب اقتصادية وتجارية. فالرئيس الفرنسي يسعى، في ضوء التنافس العالمي على الاستثمارات الإفريقية، إلى تعزيز حضور الشركات الفرنسية في السوق المغربية، واستقطاب فرص جديدة في مجالات البنية التحتية والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار، وهي قطاعات تشهد نموًا كبيرًا في المغرب.
تمثل هذه الزيارة فرصة لفرنسا للظفر بعقود اقتصادية كبيرة، في ظل نمو الاقتصاد المغربي ودوره المتنامي كجسر بين أوروبا وإفريقيا. المغرب يُعتبر بوابة للأعمال والاستثمارات نحو القارة الإفريقية، وهو ما يضعه في مكانة محورية تُتيح له التفاوض على أساس مبدأ “الأخذ والعطاء” مع شركائه.
توازن المصالح بين السياسة والاقتصاد
تشير هذه الزيارة إلى معادلة معقدة تقوم على توازن المصالح بين الجانبين، حيث يطمح المغرب إلى نيل المزيد من الدعم السياسي من فرنسا لمواقفه الوطنية، بينما تسعى فرنسا لتحقيق مكاسب اقتصادية تضمن لها حصة في المشاريع التنموية التي يعتزم المغرب تنفيذها. ورغم هذه المصالح المتبادلة، يظل المغرب في موقع قوة، قادرًا على وضع شروطه وحماية مكتسباته، خاصة في ظل تزايد شركائه الاستراتيجيين.
خلاصة
زيارة الرئيس الفرنسي للمغرب تبرز عمق العلاقات بين البلدين، وتوضح في الوقت ذاته المعادلة القائمة بين المكاسب السياسية للمغرب والمكاسب الاقتصادية لفرنسا. إن هذا اللقاء يشكل مناسبة للمغرب للتأكيد على وحدة أراضيه، ولفرنسا فرصة لتأمين مصالحها التجارية في منطقة استراتيجية.