حين تصبح الوعود مجرد حبر على ورق: الجامعة الوطنية للتعليم تواجه المماطلة الوزارية بسخرية مريرة
دبا ماروك
من جديد، الجامعة الوطنية للتعليم تضع وزارة محمد سعد برادة أمام استحقاق التطبيق الفوري للاتفاقات التي ظلّت حبيسة الأدراج منذ حقبة الوزير السابق بنموسى، وكأن الاتفاقيات قد أُبرمت لتُنسى لا لتُنفذ! فبدل الإيفاء بالوعود، تُمارس الحكومة هواية التسويف والمماطلة بمهارة فريدة، مما يُثير تساؤلات لا تنتهي بين أساتذة سد الخصاص والمربيين المؤقتين وكل من له علاقة بهذا القطاع “المهمل” من الأطراف حتى النخاع. مطالبهم بسيطة، بل تكاد تكون أبسط من البساطة ذاتها: تفعيل بنود الاتفاقيات التي حُددت في 10 و26 ديسمبر، تسوية أوضاع العرضيين، ترقية أساتذة الزنزانة 10، وإنصاف موظفي السلم 9 العالقين منذ التسعينات، وكأنهم “كائنات أثرية” من زمن آخر!
ورغم الميزانيات التي تُنفَق وتُهدر على “مشاريع إصلاحية” تتفنن في جمع الأتربة من فوق رفوف الوزارات، إلا أن الواقع التعليمي يرزح تحت وطأة التقارير الدولية التي تصنف نظامنا التعليمي في ذيل القائمة، وتحديدًا في المرتبة 154 من أصل 199 دولة! يبدو أننا نتسابق نحو “قاع” لم يبلغه أحد غيرنا، بفضل ما يُسمى بـ”مدارس الريادة” التي قيل إنها مفتاح النجاح ولكنها في الحقيقة جواز سفرنا نحو قاع المؤشرات العالمية.
في ظل هذه “الاستراتيجية العبقرية”، يجد المعلمون والمربون أنفسهم تحت رحمة عقود عمل متقطعة، وتعويضات هزيلة تكاد تكون أشبه بصدقة، لا ترتقي حتى لمستوى تغطية نفقات قهوة يومية! أما في المناطق النائية، فالمعلمون “المُستضعفون” يتلقون “تعويضات سخية” تبلغ 500 درهم شهريًا، بفضل مراسيم كُتبت على أوراق قد لا تكون صالحة حتى لإشعال النار في شتاء بارد.
وعلى هامش الوعود المراوغة، أدانت النقابة بشدة “الممارسات الاستعبادية” التي يعانيها مربو التعليم الأولي، ممن تُفرض عليهم شروط عمل تصل حد القهر والإذلال. وبينما تُسخر العمالة للحراسة والنظافة مقابل أجور هزيلة، يزداد الإصرار الحكومي على تمرير قوانين لتجريم حق الإضراب، حتى لا يبقى للعمال أي وسيلة لحماية حقوقهم.
أمام هذا الواقع المثير للشجون، لم تجد الجامعة الوطنية للتعليم بُدًّا من دعوة كافة القوى الديمقراطية لتوحيد صفوفها، ربما في محاولة أخيرة لإيقاظ المسؤولين من غفلتهم.