وزير الفلسفة يكتشف: مول الحانوت حامل اقتصاد الأمة… والكريدي هو الحل السحري!
دابا ماروك
عندما يتحدث وزير الصناعة والتجارة عن التاجر الصغير “مول الحانوت” وكأنه بطل أسطوري يحمل “كريدي” المجتمع على كتفيه، قد يتساءل المواطنون عن مصدر هذه “الفلسفة” التي تعلمها الوزير ليخرج لنا بهذه التحليلات. ربما حضر دروسًا متقدمة في جامعة “أفلاطون المحلّي”، حيث يُمنح كل وزير تمثيلية درامية ليظهر كمخلّصٍ للشعب من أزمات المعاملات اليومية.
تخيلوا معي مشهد الوزير وهو يجلس متأملًا في فلسفة الكريدي. يرى فيها ما لا نراه، ويسمع فيها صدى مطالب العائلات والأطفال وكأنها أغنية ملحمية تصدح في مخيلته. وفقًا لتحليله، “مول الحانوت” ليس مجرد بائع عادي، بل أقرب ما يكون لشيخ القبيلة أو حكيم الحي الذي يمنح الثقة بلا مقابل ويعطي المجتمع دفعة اقتصادية غير رسمية. وهنا تنبثق رؤية الوزير لتطوير هذا القطاع العجيب. فقط ربما لو نظر بعمق، لاكتشف أن “مول الحانوت” المسكين ليس بحاجة لدروس فلسفية، بل إلى حلول حقيقية تدعمه.
الوزير يطمئننا بأن الحكومة قد نفذت 70٪ من التوصيات! يبدو أن الحلول لا تشمل حماية مول الحانوت من فواتير المياه والكهرباء أو رسوم الضرائب، بل تشمل تغليف مشكلاته بمصطلحات براقة مثل “الورش الملكي” و”الورش الجبائي”، وكأنما مجرد النطق بتلك الكلمات سيحل أزمة الفائدة المصرفية أو يغني التاجر عن انتظار الزبائن الذين يعانون ليصلوا نهاية الشهر.
وإذ يقول الوزير إن الحكومة تحترم وتقدر “مول الحانوت” لأنه يشكل 80٪ من نقاط البيع، نتساءل: هل كان يتخيل في مخيلته الفلسفية تلك محلات البقالة الصغرى تقفز على خريطة المغرب وكأنها حصون اقتصادية تحمي الاقتصاد الوطني؟
التقرب من الشعب ليس بهذه الطريقة. في الوقت الذي يستهدف فيه الوزير لابتكار أفكار مبتكرة لذلك “مول الحانوت”، نحتاج إلى حلول واقعية للاتصال بالواقع اليومي للتجار الصغار. ليس من الممكن أن يتم وضع مستحضرات التجميل فعليًا بالكلمات الملقاة جزافًا، بل يجب على الحكومة أن تحدد التحديات التي يواجهها تاجر الدقيق بالتقسيط، من خلال إجراءات ملموسة وتساهم في تحسين الوضع المادي والمعنوي. فالحديث عن مصطلحات براقة لن يكون له تأثير. المواطنون لا يريدون فلسفة مبهمة، بل يرغبون في سياسات خاصة تضع الصغير قبل الكبير في الاهتمامات الكبيرة للحكومة ويساعدونهم على التغلب على الصعوبات التي يعاني منها يوميا.