سوق اللويزية: بين قرارات المجالس وصفقات المنعشين
دابا ماروك
منذ إعلان نهاية سوق اللويزية، توالت الأصوات بين من يرى أن القرار “صائب” وبين من يرى أنه “صاعقة”. فمنذ أن فتح السوق أبوابه لأول مرة على تراب جماعة بني يخلف، كان أشبه بنجم سينمائي ينافس على شباك التذاكر، حيث جذب الباعة والزبائن من كل فج عميق، حتى أصبح مقصدًا اقتصاديًا بامتياز.
ولكن، وكما يقول المثل المغربي، “الحلو ما يكملش”. فجأة وبدون سابق إنذار، جاء القرار كما لو أنه إعلان إفلاس في مسلسل تركي. التجار، الذين كانوا بالأمس يعرضون خيرات الأرض على عرباتهم، وجدوا أنفسهم اليوم يبحثون عن “أرضية” جديدة لنشاطهم التجاري.
من سوق إلى ملعب استثماري
تقول الروايات الشعبية إن للسوق قصة أكثر تعقيدًا مما يبدو. ففي الكواليس، هناك حديث عن “يد خفية” وراء القرار. يد ليست خفية جدًا، بل يد معروفة جيدًا: المنعشون العقاريون. هؤلاء السادة، الذين يرون الأرض كعجينة صلصال يمكن تشكيلها إلى عمارات وشقق فاخرة، لم تعجبهم فكرة سوق شعبي على بعد “خطوتين” من مشاريعهم السكنية التي تحمل أسماء براقة مثل “الإقامة الذهبية” و”مجموعة الأحلام”.
ولأن لغة المال لا تعترف بالسوق ولا بالباعة، تم تسوية الأمر على ما يبدو. تم تصفية السوق كمن يصفي حسابًا مع خصم قديم. فالسوق الشعبي، بكل فوضاه وروائحه، لم يكن يناسب الصورة “الراقية” التي يريدها المنعشون لمشاريعهم.
بني يخلف وسيدي المجذوب: لعبة الكراسي الجماعية
أما عن جماعة سيدي المجذوب، فهي على ما يبدو الوريث المحتمل لهذا “الكنز الجبائي”. لكن، وكما هو الحال في السياسة المحلية، لا شيء مؤكد. قرارات المجالس الجماعية أحيانًا تكون أشبه بنشرة جوية: كل الاحتمالات واردة.
السؤال الذي يطرحه التجار اليوم هو: أين يذهبون؟ هل يتركون عرباتهم وموازينهم ليصبحوا عمالًا في تلك الشقق التي ستبنى مكان السوق؟ أم يهاجرون إلى سوق آخر ليبدأوا رحلة جديدة من المفاوضات والصراعات؟
درس للمجالس: السوق ليس مجرد مكان
ما يغفله الكثيرون هو أن الأسواق الشعبية ليست مجرد أماكن لبيع الخضروات والفواكه. إنها فضاءات اجتماعية، مساحات لتبادل الأخبار، وملاذ للعديد من الأسر التي تعتمد على دخلها اليومي منها. إغلاق سوق مثل اللويزية ليس مجرد قرار إداري؛ إنه زلزال اجتماعي واقتصادي له ارتدادات قد تستمر لسنوات.
خاتمة: من الخضر إلى الأسمنت
بقدر ما يبدو الوضع مضحكًا بسخريته، إلا أنه يعكس واقعًا مريرًا. سوق شعبي، كان ينبض بالحياة، يتم التضحية به على مذبح العقارات. وبينما يستعد المنعشون العقاريون لإطلاق حملاتهم الإعلانية عن “شقق فاخرة بإطلالة ساحرة”، سيظل الباعة يتساءلون: “هل نبيع البصل أم نشتري الأسمنت؟”.