الصحافة المغربية: بين الناطق الرسمي والشريك الصامت
دابا ماروك
في الآونة الأخيرة، أصبح من اللافت للنظر أن بعض المواقع والجرائد الإلكترونية المغربية تتحول تدريجياً إلى منصات أشبه بالناطق الرسمي للحكومة، دون أن تحمل لقبًا رسميًا أو تتبنى موقفًا نقديًا واضحًا تجاه القضايا الحساسة. هذا الانزلاق نحو “تأييد بلا تعليق” أو “نقل بلا تحليل” يثير تساؤلات جدية حول الدور الحقيقي الذي تلعبه هذه الوسائل الإعلامية، وهل باتت فعلاً تخدم الجمهور أم تتحول تدريجياً إلى أداة ضمن أدوات السلطة؟
الإضراب كمثال: التطبيل بدل التحليل
لنأخذ مثالاً حديثًا: مشروع الإضراب الذي يمس قطاعات واسعة من الشعب. حين يتم تناول هذا النوع من المواضيع، يُلاحظ أن التغطية الإعلامية تتسم بالسطحية. الأخبار تُقدّم كما لو كانت بيانات رسمية تُقرأ من طرف مسؤول حكومي، دون تمحيص أو حتى التجرؤ على طرح تساؤلات مشروعة حول خلفيات القرارات وتأثيرها على المواطن. التصريحات “الخجولة” التي تُنقل عن المعنيين، سواء من النقابات أو الجهات الحكومية، تبدو كأنها مجرد واجب تقني لاستكمال المقال، وليس من باب التحليل الجدي أو النقد البنّاء.
غياب الدور النقدي: صحافة أم وسيلة دعائية؟
ما يجعل هذا الواقع أكثر إرباكًا هو غياب المواقف الصريحة أو التحليلات المعمقة من الصحافة. كأن الجرائد الإلكترونية باتت تستنسخ لغة البيانات الرسمية، وتكتفي بنقل “ما يجب أن يُقال” دون أن تكلف نفسها عناء البحث عن “ما يجب أن يُفهم”. هذا الحياد السلبي، الذي يكاد يلامس حدود التواطؤ، يسلب الإعلام دوره الأساسي كعينٍ للشعب ووسيلة ضغط لتغيير الواقع.
هل فقدنا الصحافة المستقلة؟
إذا ما استمر هذا النهج، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: هل نحن أمام أزمة صحافة مستقلة؟ وهل تتحول المواقع والجرائد الإلكترونية إلى مجرد وسيط تقني لتوجيه الرسائل الحكومية؟ الإجابة تقترب من الإيجاب إذا ما نظرنا إلى طبيعة الخط التحريري الحالي، حيث يغيب الصوت النقدي وتتوارى محاولات تسليط الضوء على قضايا المواطن الحقيقية.
نحو إعلام أقرب للشعب
لا يمكن الحديث عن دور الإعلام في خدمة المجتمع دون التأكيد على ضرورة تحرير الصحافة من أي ضغط سياسي أو اقتصادي قد يوجهها. المطلوب اليوم هو صحافة حقيقية، تضع المواطن في قلب الاهتمام، تُحلل الأحداث، تنقل الحقائق كما هي، وتُعبّر عن قضايا الشعب بعيدًا عن لغة “بني وي وي”.