برلمان النيام بدل النواب: حين تصبح تلاوة الغياب أهم من مناقشة الحضور!
دابا ماروك
في خطوة “صارمة جدًا”، قرر مكتب مجلس النواب أن يضرب بقبضة من حديدٍ ريشةً ضد “الغيابات”، فبدأت غرفة النواب باستعراض أسماء النواب المتغيبين عن الجلسات العلنية، كأنها جلسة نداء صباحية في المدرسة. حيث سُمِعَ صدى الأسماء يتردد كأنه عقابٌ جماعي في باحة البرلمان! وكأنهم “غائبون بدون عذر”، ولا أحد حتى يكتب لهم مذكرة غياب.
في هذا العرض المثير الذي خصص لمناقشة “قانون المالية”، قُرِأت أسماء النواب الغائبين عن جلسات 4 و11 نونبر، تماماً مثل نداء الحضور الصباحي في مدرسة ابتدائية! هكذا، حطَّمت المؤسسة التشريعية حاجز الكسل التاريخي وأظهرت عزيمتها في محاربة التسلل البرلماني للغياب. ومن الغريب أن هذا الإعلان الصاخب لم يُحدث “حَرَجًا كبيرًا”، لا بل بدا وكأنه استعراض مسرحي لجذب الانتباه في انتظار تصفيق الجمهور.
في الوقت نفسه، لم يُخفِ رئيس المجلس، راشيد الطالبي العلمي، تلميحاته المبطّنة حول تعويضات “الفندق”، متجنبًا الربط المباشر بين الحضور والإقامة الفاخرة، وكأن قبة البرلمان صارت نوعًا من فندق خمسة نجوم للمبيت والاستراحة! ووفق مصادر مطلعة، يبدو أن هناك جهودًا حثيثة تجري في “البحث عن صيغ” تُبقي على هذه الفكرة لكن بأناقة، حيث إن الأولوية الآن هي لتلاوة الأسماء عوضًا عن الحلول الجذرية، وكأن تكرار الأسماء على الأسماع يكفي لعلاج الداء.
وتشير مصادر “عميقة” أخرى إلى أن جلسات اللجان البرلمانية لا تقل أهمية عن الجلسات العلنية، فالنفقات يجب أن تُرشد، لكن يبدو أن “ورش الترشيد” اقتصر حتى الآن على استعراض الأسماء وليس البحث عن حلول حقيقية. بل الأكثر غرابة هو مقارنة نفقات البرلمان بنفقات مؤسسات أخرى، كأنه محاولة لتبرير العجز أو ربما لفت النظر إلى “البساطة” التي يتصف بها مجلس النواب في التبذير.
أما متابعة النواب البارزين ورؤساء الجماعات فتبدو كاختبار ضخم لصبر الشعب وقدرته على تحمل المسرحيات البرلمانية. هناك من يرى في هذه “الإجراءات” مشهدًا يستحق الإشادة، بينما يرى الأكاديميون أنها محاولة يائسة لإنعاش جثة السياسة الحزبية. ليس من المستبعد أن يصل بنا الحال إلى تأسيس فرقة خاصة لمتابعة الهاربين من الجلسات، تحت شعار “ضبط الغياب، إعادة الحياة للنيابة”.